يلجأ بعض البرلمانيين عندنا الى العلاج من آخره، أي من لحظة الكي، أو البتر، وليس التدرج دوائيا، كالنصح والإرشاد والسؤال البرلماني والمقترحات.
هناك ما يمكن ان نسميه «أخلاقيات الديموقراطية»، والمثال على ذلك ما كتبه وزير الإعلام الأسبق د.أنس الرشيد عن والده رحمه الله الذي كان نائبا في فترة من تاريخ الكويت الماضي بـ «أخلاقياته الديموقراطية» فيقول: «قدم والدي أول استجواب في تاريخ الحياة البرلمانية للعم المرحوم عبدالله مشاري الروضان، وانتهى الاستجواب في مكتب الوزير إذ جمعهما العم صالح العجيري وتمت الإجابة عن استفسارات الوالد وتم تدوين ملاحظاته، فرجع والدي الى المجلس وسحب استجوابه، وقدر لأول استجواب في تاريخ الكويت أن يكون نموذجا لروح التعاون التي كانت سائدة بين الكويتيين آنذاك، لم يكن النائب يخشى «قواعده» بقدر خشيته لضميره».
هنا تتكشف نوايا النائب، فإذا كانت غاية النائب إيجاد الحل أو ان النتيجة هي التي تهمه، فلن تقف الوسيلة عائقا، مادامت في حدود القانون والأعراف، وبالتالي فما الذي يمنع أن يتم البحث عن الحل سلميا وبالنقاش، بدلا من عرقلة عجلة التنمية؟.. أما إذا كان الغرض من الاستجواب إرضاء ما أسماه الدكتور الرشيد بـ «قواعد» النائب، فهنا لن يقبل النائب بأقل من الصراخ والضجيج والتهديد والوعيد، على سبيل تلقين درس ليس إلا.
وأيضا إذا كان الذي يهم النائب هو النتيجة، فما الذي يضيره إن كانت الجلسة سرية مثلا؟.. علما بأن الجلسات السرية عندنا هي أخت العلنية، بفضل بعض النواب الذين يجدون أنفسهم مضطرين لكشف ما جرى في الجلسة أمام «قواعدهم» التي أوصلتهم للبرلمان. ولا يخلو الأمر من تسريبات تحصل من كل الجهات بما فيها الحكومية، لذلك فغالبا ما تكون هي جلسات سرية في وقتها فقط، أي بقدر المدة التي تستغرقها الجلسة.
الاستجوابات أصبحت اليوم أكثر عرقلة للتنمية من السابق، وذلك لعدد من الأسباب، منها تمرّس الحكومة، واكتسابها لخبرة أكبر من خلال الاستجوابات السابقة، والتي تجاوزت في هذا المجلس وحده الستة استجوابات، وجميعها خرجت منها الحكومة على مبدأ «الضربة التي لا تقصم الظهر تقويه». وهذا صعّب مهمة النائب، وجعل الاستجواب يأخذ وقتا أطول، وكل هذا محسوب من وقت البلد الثمين.
في كل دول العالم، هناك «شهر عسل» تفتعله الحكومة مع البرلمانات من أجل الإتاحة للقوانين أن تنفذ، وللاستثمارات أن تنجز، وللمشاريع أن تظهر إلى حيز الواقع، فلماذا لا نحظى بمثل هذا الشهر، حتى لو كانت تكاليف الزفاف على حساب المواطن!
[email protected]