في السنوات العشر الأخيرة، تفاقمت في الكويت مشكلة التركيبة السكانية، وكانت سرعة التغيير الديموغرافي فيها كبيرة جدا، إلا أنها مع سرعتها ظلت مشكلة صامتة، حيث لم يلتفت إليها الدارسون ولا الجهات المعنية بشكل جدي، وظل البحث فيـــــها في إطار إعداد رسائل جامعية ربما، أو إحصائية، ولكن أيا من الإجراءات الفعلية لتعديل هذه التركيبة لم يتخذ، وما زاد من حــــــدة المشكلة، وجعـــلها اكثر صعوبة، هم تجار الإقامات، وإغراق البلد بالعمالة الهامشية التي لا ضرورة لها في كثير من الأحيان.
وكانت أول نتائج هذا الخلل ارتفاع معدل الجنايات والجنح والمخالفات، وزادت الجرائم بأنواعها بل وتشكلت لدينا مناطق أشبه بالمقاطعات التي تنشئها الأقليات او المهاجرين غير الشرعيين في الدول الأوروبية، وابرز مثال على ذلك منطقة جليب الشيوخ، وما يحدث فيها من تجاوزات للقانون وتظـــــاهرات سابقة فيها وفي خيطان فاق التـــــصور، لدرجة ان المواطن أصبح غريبا في بعض مناطق الكويت، وانحسرت نسبة تواجده الى أقل مستوياتها ربما. وباستثناء رجال الأمن الذين يذهبون الى هناك لضبط الأمن، فلن تجد ربما مواطنا واحــــــدا. وهذا ما تؤكد مضمونه أو فحواه، دراسة أعدها مركـــــز الدراسات الاستراتيجية في مجــــــلس الأمة، وبينت الدراسة «أن التركــــــيبة السكانية تعاني من الخلل المتــــــمثل ليس فقــــــط في عدم التوازن بين أعداد كل من المواطــــنين والوافدين، والتي تشكل مواطنا واحدا مقـــــابل 2.2 وافد، ولكن أيضا لأن هذه الزيــــــادة في عدد الوافدين أغلبها عمالة هامـــــشية عليها الكثير من الملاحظات الأمنية والاجـــــتماعية».
والحل هنا ليس أحادي الجانب، أي لكي نستغني عن العمالة الهامشية، لابد للمواطن أن يسد ثغرات الوظائف الصغيرة في الدولة، لأن بقاء هذه الوظائف شاغرة، هي الثغرة التي يتسلل من خلالها تجار الإقامات. وهذا يتأتى حسب الدراسات المعنية بهذا الخصوص في «تغيير الأفكار البالية عن العمل الحرفي والمهني واليدوي، والعمل على الربط بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل في مختلف التخصـــــصات، وتشجيع إنشــــاء المعاهد والجامعات الأهلـــــية التي تستجيب بشكل أسرع لمتطلبات السوق الوطنية والإقليمية من العمالة الفـــــنية المتدربة».
حتى الآن مشكلة التركيبة السكانية لا تحظى بالاهتمام الرسمي اللازم، بدليـــــل أن الإقامات الوهمية والعمالة الـــــسائبة، تتكاثر كالعثة في ثياب الوطن، والــــــملاحظ أن هذه المشكلة تتفجر بشكل يومي وعلى مراحل، مما يجــــعلها غير ظاهـــــرة للعيان، فهل يتوجب علينا أن ننتظر ريثما تنفجر على طريقة البركان.
[email protected]