أن تكون شيئا واحدا، فهذا أمر سهل.. أما أن تكون عدة أشياء في وقت واحد، فذلك هو المستحيل الذي حققه الراحل العم خالد يوسف المرزوق في حياة حافلة امتد فيها عطاؤه إلى العمل التجاري والإعلامي والخيري.
كان الراحل لا يقبل بالأفكار الصغيرة، لذلك قدم أفكارا كبيرة للكويت تمثلت في تأسيس مشاريع مازالت الكويت حتى يومنا هذا ـ وستبقى ـ تستفيد منها، واستطاع بعقليته الذكية منذ نعومة أظفاره أن يزرع زهور أفكاره في أرض لم تكن وقتها مهيأة للزراعة كما يجب، وبمثابرته ودأبه غير العادي، أزهرت هذه الزهور، بل تناسلت على شكل حدائق وارفة.
ولأن الكويت تذكر من يذكرها، فإن اتساع أفق الراحل، جعله حاضرا في كثير من الأماكن في الكويت، وهناك أكثر من فعالية اقتصادية أو تجارية أو إعلامية تجعلك تتذكره، وليس أولها ولا آخرها: البنك التجاري والبنك العقاري وشركة عقارات الكويت ولا شركة لآلئ الكويت العقارية، وشركة مشاريع الكويت للتعمير والعقارات، وشركة اللؤلؤة الاستثمارية، وشركة اللؤلوة العقارية، وشركة المجموعة المالية الكويتية، وشركة سوق السالمية العقارية، وغيرها الكثير من الشركات، إضافة إلى العديد من المشاريع في الخارج.
أنا شخصيا أتذكره أيضا عندما أمشي بجوار «مسجد الطب الإسلامي» الذي يحمل اسم والده ووالدته، وهو يهتم بالعلاج الطبيعي، ويعد بناؤه تحفة معمارية نادرة على اتساعه وروعة بنائه. ولن أقول ان العوائل المحتاجة ستفتقده، لأن عمله لن ينقطع، فأبناؤه بلا شك سيتابعون مسيرته، فهم يحملون تعاليمه وقيمه التي عاش عليها.
المتتبع لحياة الراحل يقف أمام شخصية متميزة، من النادر أن نجد مثلها، فقد خاض في مدرسة الحياة بكفين عاريتين الا من أسلحة الإرادة والتصميم والإصرار، ودخل السوق التجارية في زمن العمالقة، وأوجد لنفسه مقعدا يليق بعقليته بين كراسي كبار تجار الكويت.
ولو دققنا في حياته المزدحمة بالمشاريع الحيوية، لوجدنا أنه كان سابقا لزمانه بمراحل كثيرة، لأن الانجازات التي تحققت تحتاج إلى أكثر من حياة كي يتمكن الفرد من تحقيقها.
هناك أشخاص صعب أن يعوضهم الزمان.. ولكنهم في الوقت نفسه، وإن غابوا عن الواقع، لا يغيبون عن سجلات تاريخ البلاد التي ساهموا في بنائها.
يكفي أننا سنتذكر الراحل كلما سال حبر أقلامنا فوق هذه الصحيفة التي أسسها، لتكون رمزا من رموز المؤسسات المدنية التي تفخر بها الكويت.. وإن لم نستطع أن نقدم له شيئا - كونه لا يحتاج إلينا - حيث عاش ومات عصاميا - فلنرفع أكف الضراعة الى الله تعالى بأن يتغمد الراحل خالد يوسف المرزوق برحمته.
[email protected]