تحولت أيام الجمع العربية من أيام استجمام وراحة، إلى حراك سياسي يتجمع فيه المتظاهرون على شتى مطالبهم، بعضها عنيف، والآخر هادئ. ومن حسن حظنا أننا في الكويت من أصحاب الفئة الهادئة الوادعة، وهذا يرجع إلى عوامل عديدة: بعضها يرجع إلى الحكومة، والآخر للمتظاهرين، أما الحكومة فهي تسير وفق نظم دستورية ديموقراطية ولا تتجاوزها لما هو أبعد من ذلك. ولا نريد ان نخمن ما الذي كان سيحصل لو أن هذه المظاهرات قامت في أماكن اخرى، لأن ذلك خارج نطاق اخلاقياتنا الديموقراطية.
هذا من ناحية الحكومة، اما من ناحية الذين تظاهروا يوم الجمعة، فلا شك أنهم تصرفوا أيضا بوعي بغض النظر عن أنني اتفق او أختلف معهم في موضوع المظاهرة.
حسنا، فلقد اردت من هذه المقدمة ان أصل إلى عدة نقاط وهي: ان لغة العقل مازالت حاضرة في مجتمعنا وبقوة، على الرغم من انحسار هذه اللغة أحيانا وخروج السلوك النيابي أو الحكومي عن طوره، إلا ان الأصل هو رسوخ المصلحة الوطنية بين أهداف الجميع، وهذا يقودنا الى النقطة الثانية، وهي مادام الأمر كذلك فلماذا لا نتقارب أكثر؟
الاجابة عن هذا السؤال الصعب تقتضي منا أن نغلق عدة ابواب، منها: باب التاريخ، وألا نجعل أحداث الماضي عبئا على الحاضر، وان تبقى هذه الأحداث في حدود الذكرى وإحيائها في اطارها الخاص وبحدود الوفاء الشخصي والعقائدي لها من دون ان تتحول هذه الأحداث إلى أداة للفتنة.
وايضا لكي نجيب عن هذا السؤال، ينبغي علينا فصل السياسة عن الاقتصاد في الممارسة البرلمانية، أي باختصار أن يترك النواب والحكومة «دفاتر حساباتهم» خارج قاعة عبدالله السالم، عندئذ سيدخلونها ويخرجون منها ومعهم الكويت كلها..آمنين.
[email protected]