في عام ١٩٨٥ قضينا اجازة الصيف في العاصمة النمساوية فيينا وهي من العواصم الأوروبية التي يتحقق فيها حلم الحالمين من العشاق للعيش أوقاتا ممتعة تتحقق فيها أمنياتهم لتوافر جل مقومات المتعة والراحة والسياحة وفق أفضل المعايير العالمية، في ذلك العام هبت موجة حارة على هذه العاصمة الجميلة اضطر بعض أهلها وأطفالها الخوض في مياه نوافير الميادين والساحات العامة هربا من الحر الشديد، حاولنا التكيف مع هذه الأجواء باعتبارنا متعودين على درجة الحرارة المرتفعة، لكن المشكلة التي ليس لها حل كانت عند العودة إلى مقر إقامتنا حيث لا تعرف فنادق المدينة آنذاك نظام التكييف أو أجهزة التبريد لنتعامل مع الموقف بمبدأ قبول الأمر الواقع لتتفاقم مشاكلنا مع الحر وقت القيلولة وتتكرر هذه المعاناة عند عودتنا مساء للفندق. كسياح خليجيين لم نتعود النوم بدرجة حرارة تتعدى الثلاثين درجة مئوية دون أجهزة تبريد فنقوم بفتح نوافذ الغرفة طلبا لنسمة هواء من هنا او هناك تعيننا على النوم ونستعيد قوانا لنتهيأ لبرامجنا السياحية لليوم التالي. لم نكن نعلم أن فتح نوافذ الغرف التي تطل على شارع رئيسي يلزمنا قبول الإزعاج الصادر من السيارات وكذا المارة قبل ان تستقبل أي نسمة هواء! فكانت الحاجة أم الاختراع لترشدنا بالكيفية التي تمكننا من النوم ولو لساعات قليلة ليقودونا تفكيرنا الى وضع قطن في آذاننا ليساعدنا على تخفيف حدة الإزعاج ونستطيع النوم ولو لفترة قصيرة لأجل التمتع بسحر فيينا!! هكذا قضينا الليالي المقررة علينا قبل الهروب للريف النمساوي في قراه الساحرة مثل (ولف غنغ، سان غلغن، كابرون... الخ). واستنكارا للهجمة القوية لموجة الحر كان الأهل يتواصلون هاتفيا معنا للاطمئنان علينا ومنهم الرفاق الصامدون في لواهيب الديرة حيث (تشمتوا بنا واشفوا غليلهم) وأنهم أفضل حالا منا ويتمتعون ببرامج ترويحية بقضاء اسعد الأوقات في نفخ كروشهم ورفع مستويات الكوليسترول والسكري والضغط بتناول - ليليا - بالتناوب (مندي تيس - خروف هرفي - كارتون دجاج - اسماك الخليج بأنواعها... الخ) في دواوينهم أو في جواخير كبد أو مزارع الوفرة وتتنوع وجباتهم بتناول الكباب في مطاعم الديرة - حاليا المباركية - تحت درجة حرارة لا تتعدى العشرين درجة بعدها النوم في المنزل بأجواء باردة تجبرهم على استخدام (كنابل الديباج) الأغطية فضلا عن التمتع في جميع الأوقات بما حباه الله على الكويت من نعمة التكييف وفق أفضل ما توصلت اليه تكنولوجيا التبريد. تذكرت سفرتنا هذه مع ما يمر به المصطافون هذا العام في ربوع أوروبا، حيث تشابه الظروف التي مررنا بها مع فارق توافر أجهزة التكييف في أوروبا لكن يبقى التمتع بالأجواء الطبيعة الباردة عصية عليهم حتى تنخفض درجة الحرارة هناك.. لذا هنيئا للصامدين - وأنا منهم - للتمتع (بنسناس) جواخير كبد ولواهيب المباركية!! لكن دون نفخ الكروش.