ساس الأمر أي دبر الأمر وأدار أركانه بحكمة للوصول إلى نتيجة مرضية، ومنها كلمة سائس الخيل أي راعيها والمهتم بشؤونها، وساس أمر الناس أي دبر أمرهم، ومع مرور الوقت تحولت إلى أنها الفن في إدارة الأمور كلها، وهكذا حتى أصبحت «السياسة.. فن الممكن».. أليس كذلك؟!
المراقب للسياسة عندنا يتنامى لديه حس المسؤولية وحجمها الملقى على عاتق الكل، وأعتقد أن السياسة عند الكثير من صناع القرار لدينا وخاصة المشرعين أصبحت فنا ما لم يكن بالإمكان يصبح ممكنا الآن، وباتباع الكثير من السبل التي تؤدي إليه.
أفلتت رموز وظهرت رموز أخرى، إلا أن هذا لا يلغي الأقوياء واللاعبين الأساسيين من الملعب السياسي أبدا فهم المحترفون الذين تحتاجهم اللعبة وتكتمل بهم، أما أن تكون سياسيا وتلعب في الملعب بفريقك فقط.. انت الحكم وانت الخصم وانت الهداف والحارس فلا طبنا ولا طاب اللعب، ومن ظلم النفس ان يؤدي اللعب السياسي الى الفجر في الخصومة، فهي من شيم المنافقين وليست من خصال الشجعان أبدا، ومن السياسة ان تأخذ الناس بالسياسة لا ان تأخذهم برأي (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، كم من المكاسب ستتحقق وكم تحقق من قبلك وكم سيتحقق من بعدك، هل تعتقد انها تعني الكثير وهل تستحق كل هذا العناء والفصال وإرخاص العمر وبذله فيها؟ لا أعتقد ذلك.
كأنني أرى نهايات الكثير من الساسة لدينا وأرى تباين نهاياتهم المختلفة، ومع أنني لا أعلم الغيب، إلا أن الفراسة من شيم العرب فما بالك ان كانت الرؤية هنا لا تحتاج الى فراسة بل الى قراءة بسيطة لتاريخنا وحاضرنا وربط كل هذه الاحداث ذهنيا، ومن خلال ذلك سوف تصل الى النهايات التي أتمنى أن تكون سعيدة، رغم تشاؤمي في هذا الباب لأن قلوب الكثير من السياسيين عندنا تحولت الى قلوب جمال تحقد وتتحرى الفرص للانتقام، وتحولت من العمل السياسي المعمول به دوليا الى خصام وكسر عظم وفرض آراء لا غير، دون حساب لتغير الظروف السياسية والمحلية وتغير موازين القوى في كل فترة، اما ان تكون كمن قال الله تعالى فيهم: (وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ)، فلا انت أهلا لما تدعي من سياسة وأفلست من حسنة الدنيا وربح الآخر، ولا أجد وصفا ابلغ من وصف احدهم بأن «قلبه كقلب البعير»، أجارنا وأجاركم وأجارهم الله من كل حقد وكل ضغينة أو همّ يجزي العيون عن مراقدها.
[email protected]