يحكى أن حجا كان في أحد الشوارع مدافعا عن نفسه أمام صبية الحي الذين يستهزئون به وعندما لم يجد حلا للخلاص منهم ابتدع كذبة وقال «انه في آخر الشارع المقابل لنا رجل يوزع الحلوى بالمجان»، فهرع الصبية مهرولين الى ذلك الرجل الذي يوزع الحلوى ليأخذوا نصيبهم منها، وعندما رأى جحا منظر الصبية وتدافعهم باتجاه ذلك الرجل المزعوم قال في قرارة نفسه لم لا أسبقهم لذلك الرجل، فلعل الأمر حقيقي ولعلهم يظفرون بالحلوى قبلي.
غالبا ما يفكر الإنسان وفي كل شيء ولكن الغريب أن يفكر بصوت عال وعلى هذا القياس إن فكرت الديموقراطية بصوت عال فبماذا ستفكر؟.
أزعم أن أول أسئلتها سيكون.. هل كل من تعامل معي صادق ومؤمن بي؟ وهل تحمل نتائج العمل الذي آمن به؟ هل احترم ودافع عن المنهج العام للعمل، وهل يعلم ماهية العمل الديموقراطي أصلا؟ وهل يستحق هذا المجتمع التعاطي مع هذه الفكرة؟، هل يدركون أن البرلمان لو اجتمع وأقر أي قانون.. أي قانون ظالم كان أو عادل سيطبق بما ارتآه المشرعون؟ وأكرر أي قانون، وهنا اترك لخيالكم الأفق والتفكير.
المعلوم أن لكل تجمع بشري نظاما يتحكم في الأمور ويديرون من خلاله حياتهم، وتتنوع الديموقراطيات من مجتمع لآخر وكذلك المسميات كالديموقراطية الليبرالية لأوروبا والديموقراطية الشعبية للصين والديموقراطية الإسلامية للكثير من الشعوب المسلمة والديموقراطية الانتهازية للكثير من اللصوص الذين استطاعوا أن يطوعوا شعوبهم بالدجل والخداع.
لأي نوع ننتمي نحن؟، وهل نسير على الطريق الصحيح؟، أم أننا أقنعنا أنفسنا بوجود عمل حقيقي وتعاطي برلماني يستحق الذكر كما اقتنع جحا بوجود رجل حقيقي يوزع الحلوى مجانا في ناصية الطريق، وهل سابقنا الناس الذين قلنا لهم إن العمل النيابي عمل حقيقي كما فعل؟، هل سوقنا لوجود مثل هذا النوع من الفكر؟، فها هم بعض ساستنا الذين اخترناهم يتصارعون على أتفه الأسباب ويغلب على تواجدهم الطابع الشخصي وبجدارة دونما أي استحياء وبلا أي مبالاة للمهم من أمر الأمة ومصالحها العامة، والأغرب من ذلك رضا الكثيرين عن هذا التلاسن وتبادل التهم، هل هؤلاء أغراب عنا... أبدا فهم نتاج فكرنا وخياراتنا كمجتمع، وعليه يجب أن نفهم الطبيعة الديموقراطية التي تناسبنا ونستحقها كأمة بالتعديل والمحاسبة لهم حاليا ومستقبلا، وأن يعلموا أننا لا نستطيع أن نعيش كذبة موزع الحلوى على ناصية الطريق ولن نسابق الناس على ما ابتدع من خدعه.
[email protected]