المستشار هو رجل ذكي يناقش ويحاور الكل ويستخلص النتائج من أرباب العمل أنفسهم، فهو لا يأتي بجديد أبدا وما يعمله بالضبط هو مناقشة جميع الخصوم كل على حدة، وبفطنته يصل للمطلوب من صلب ما قالوا وينسق من المهم إلى الأقل أهمية مستخلصا أفكارهم لا أكثر، ولو أبصروا حقيقة الأمر لوجدوا أن «بضاعتهم ردت إليهم».
من منا لا يتذكر مسلسل «ديوان السبيل» للفنان عبدالحسين عبدالرضا، عندما أمر الوالي لأهل القرية بماء سبيل يستفيدون منه، وما ان أصدر الأمر إلا وتوزعت الأدوار والحراس والجابين والمديرين والمنسقين وتكالبت على ذلك السبيل اللصوص من كل حدب وصوب حتى نسي الماء ونسي السبيل، مع العلم أن السبيل يحتاج إلى ساقي ماء واحد فقط لا غير، ولا يحتاج إلى إنشاء منظومة متكاملة للسبيل تحتاج الكثير من المستشارين وأصحاب الخبرات والكثير الكثير من المترصدين لإدارة شؤون السبيل!
أحيانا وما ان يتقاعد أو يبعد أحد معاول الهدم لا البناء الذين فرضتهم الظروف السياسية ربما أو التدرج الوظيفي الذي ينزل الكثير من الناس بغير منازلهم غالبا، وبالكثير من المحاباة والكثير رد الجميل لما قام به لمن خلفه بالمنصب أو نفعه أو ممن كان وفيا لهم ممن يعلونه منصبا أو مكانة، يعين كمستشار أو كخبير في أحد الابتكارات التي أوجدها هو قبيل خروجه من الحياة السياسية غير مأسوف عليه ويرجع بكل ثقة وبكل قوة ويدير ذلك المسمى المهم والفارغ في نفس الوقت، وتصرف له الهبات والمكافآت على جهوده.
ومن أوضح الأمثلة لدي الآن حال بعض المستشارين التربويين الذين أرهقوا الميدان بالأفكار غير المجدية والتعاقدات الخارجية التي استنزفت الميزانية دون فائدة تذكر بالعكس هم من تسبب في نزول المستوى العام للتربية والتعليم في البلاد، والأهم من ذلك لم يحاسبوا على أي جريمة أو خطأ قاموا به بل يكافأ بعضهم بعودته كمستشار، كم أتمنى أن يساهم هؤلاء المستشارون في حل التكلفة العالية للطالب الواحد والتي تكلف الدولة كما صرح وزير التربية والتعليم 15 ألف دينار، بينما تكلفة الطالب في بعض المدارس الخاصة والتي تقدم خدمات أكبر وأفضل ثلاثة آلاف دينار تقريبا.. هل من حل مستشاري لهذه المعضلة؟!
[email protected]