الألم لا ينتقل عبر الأثير، ولا يستطيع أي كان الشعور به عنك أو محاولة الشعور به، فهو شيء محسوس وملموس للمتألم إلا أن ما يوجب العجب أن تستأجر النائحات للبكاء عنك والشعور بالألم معك أو تعديد فضائلك، وهن متاحات لمن يريد أن يشاركه أحد.
نعم، هناك نائحات مستأجرات ولكل سعرها بقدر الصراخ وإظهار الألم.
وفي ظل الأحداث السياسية المتتالية على البلاد، وهي من وجهة نظري لا تعدو إلا أن تكون زوابع بسيطة في فناجيل الحكومة، فهي الآمر الناهي إلى حد ما من بداية الأمر إلى نهايته بمشاركة ديموقراطية جميلة، ومن لا يعي ذلك إما أنه لا يرى أو أنه لا يحب أن يرى، تبينت لي الاصطفافات المفتعلة والمدفوعة الأجر من قبل المتناحرين والذين يتزاحمون على أي مكسب، فالأمر برمته تسويقي وفرض رجال على شكل ماركات تجارية مسجلة، يسوق لهم بأنهم الأفضل وأنهم رجال المرحلة، وهذا لا عيب فيه إلا أن العيب أن يؤجر رجال على شكل نائحات يولولون ويعددون فضائل من يراد التسويق له على عدة أشكال إعلامية مختلفة، وهذا النياح فعل مشين وتنتهجه بعض الشعوب لذكر محاسن الميت، وأنه شاب وخطفه الموت، وما الى ذلك.
كم هي متقاربة هذه الأفعال! فلا يؤجر «النائحون» إلا «للميتين»، وما أشبه الميتين وميتي القلوب بعضهم ببعض، ووالله لو احتاجت هذه الأمة إلى رجال أحياء ورجال يستحقهم هذا الوطن لاحتار فيمن سيختار من الخيرين منهم، لكنها السياسة ولعبة المتناقضات وكسب الكتل والأحزاب والتهدئة، والحفاظ على الوضع القائم عند الحكومة أهم من استحداث أمر جديد، وهذا من الضعف والهوان، فالعمل الوطني الحقيقي لا يتزامن مع الاستجداء والخوف من الفرق والأحزاب التي لا يكن الكثير منها ولاء مطلقا للوطن، فالوطن دائما يكون في المرتبة الثانية، وكذلك قسمه وبيعته، وللعلم فهم درجات داخل كل حزب وكتله، من أسفل السلم إلى أرقى الأدوار، وهنا يعتمد اسم العائلة ومدى تأثيره الشخصي وغير ذلك الكثير، وهم أذكياء جدا في التعامل مع الجبناء ومن يحسب لهم حساب، ولا يأمن شرهم إلا أن يعرفوا مقامهم الحقيقي دون مجاملات أنهكتنا وباختيار رجال ليسوا منهم ولا تشوبهم شوائب الاثنيات والحزبية، رجال واضحين دون انتماءات مخزية لأجل المال والمصلحة.
وما يحيرني دائما أنه «لا يتجرأ الراعي على إهمال إبل المالك إلا إن سمح له بذلك أو تغاضى المالك عمدا لأجل هدف ما»، ولكن المهم ليعلم مالك الإبل أن ذلك الراعي ما هو إلا لص صغير مبتعث من قبل اللصوص الكبار.
[email protected]