تختلف مدينتي في كل شيء، فنحن فيها نعيش تمازجا لا يوجد له مثيل في أي جزء من باقي بقاع الوطن، فقد عشنا مع كل الثقافات وكل الأطياف، فتجد الجيران من أصول مختلفة ومتعددة ولا فرق بيننا، فأولياء الأمور لم يكونوا متعلمين بصورة كبيرة وكانت التربية أفضل، فللجار قدسية خاصة، فقد نشأت بيننا ألفة جميلة وأنشأنا لهجتنا الخاصة التي اختلط فيها الكثير من الكلمات المختلفة وهذا ما يميز أو يصدر حتى الشاعر الذي عاش بيننا فهو يمتلك مخزونا لغويا محكيا لا يملكه أي مواطن آخر يعيش في أماكن يتشابه فيها الجيران إلى حد إنكار أي شيء مختلف، وهذا النوع من الثقافة ينتقل بالمشافهة ولا يكتب، والمفرح بالأمر وعند افتتاح المناطق السكنية الجديدة استطاعت الجهراء إذابة الساكنين فيها ضمن منظومتها وثقافتها المتنوعة والأصيلة.
رغم كل هذا الجمال ظهر من يلوث هذا الحسن ويوجه الدفة إلى مصالحه وها هو القمر لم تسلم أطرافه من الكلف الذي رسم خطوطه عليه عنوة.
كيف يستطيع التافهون تحطيم هذا الكيان وهذه التركيبة الاجتماعية الجميلة؟
لقد ساهم من يريد الوصول سريعا في هدم هذه الفكرة، بل مازال مستمرا في تفتيت اي فكرة تحدو بالناس الى الامتزاج في كيان وطني حقيقي وإن كان بنكهة خاصة، فها هي جامعة الكويت وهي من أهم روافد الحياة عندنا يتعدى عليها وعلى انتخاباتها المتعنصرون كأن يعلن أحدهم أنه مزكّى من قبل القبيلة الفلانية لخوض المعركة الانتخابية، وآخر ينظم بطولة رياضية باسم القبيلة ولا يكتفي بأن يفرق بل يساهم في تفتيت المفتت أصلا كأن يعلن عن تقسيم القبيلة الى عدة أفخاذ وأقسام للتباري بينها كرويا ولا يستحيي أن يطالب الميسورين من أبناء القبيلة بالدعم والمساندة سواء بالعلن أو بالترميز ومن لم يفعل يشنع به ويفضح بأنه غير حريص على مصلحة القبيلة وأبناء القبيلة، ولا تنتهي هذه المهزلة إلا وقد أعلن عن نيته لخوض انتخابات معينة أو رغبة في منصب بمكان ما، ولا أستطيع أن أنسى ملاك الثروة الحيوانية وفكرة المزاين - البعيدة عن إطار الدولة - وكيف تقدم وتتكرر نفس الحكاية ويضطر الميسورون والنواب للدفع سترا للحال لا حرصا على الحيوانات ومن سيفوز فيها، والأمر من ذلك ذهابهم الى الشخصيات العامة والمهتمين بهذا الشأن وممارسة نفس الدور معهم ايضا دون استحياء.
هناك شقان يجب مراعاتهما، الأول من قبل الدولة فيجب أن يحاسب كل من يمارس هذه الأفعال ويحاول تفتيت المجتمع لمصلحته الشخصية، وإن كان هناك شأن رياضي أو مسابقات فلا بأس ان تكون تحت رقابة الدولة كهيئة الشباب والرياضة او غيرها، ثانيا وهنا الجانب المهم حيث تقع المسؤولية على المجتمع فعليه أن يؤدب مفتعلي هذه المهازل لا أن يحاول التستر على هؤلاء الوقحين الطامعين بمكاسب شخصية الذين لا يعني لهم الوطن أو القبيلة أو أواصر القربى اي شيء غير المصلحة والمصلحة فقط، وأيضا على النواب وميسوري الحال عدم المساهمة في هذه المهازل وإن كان لابد فاعلا فعليه تنظيمها بنفسه وتحت مظلة الدولة ورعايته الكاملة ولا أجمل من العمل التطوعي والجماعي إن كان لوجه الله ولأجل الوطن لا ان يستجدي المال من الناس بالديوانيات والبرامج بكل وقاحة.
[email protected]