عندما قدم وائل بن حجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهو أحد أبناء ملوك اليمن من الحضارمة أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم أرضا في المدينة وأوصى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بأن يدله عليها وكانوا في يوم شديد الحرارة فطلب معاوية من وائل أن يردفه على الناقة إلا أنه رفض وقال لست رديفا للملوك، فقال معاوية: إذن أعطني نعليك اتوقى بهما الرمضاء، فقال وائل: يكفيك أن تسير في ظلال ناقتي! سكت معاوية وهو المعروف بسعة الصدر والحلم، وشاء الرحمن أن يتولى معاوية الخلافة في الشام وبعد برهة من الزمن قدم عليه وائل بن حجر وما كان من معاوية إلا أن أنزله منزله الذي يستحق وأجلسه بجانبه، وقد عبر وائل عن ندمه لعدم إنزال الرجال منازلهم التي تستحق بكلمة لو أن الزمان يعود! وهو طبعا لا يعود، وليس كل الرجال كمعاوية في حلمه وحكمته وسعة صدره.
حكومتنا الرشيدة.. هل يبقى كل شيء على حاله؟ هل سيكون كل جيل كالجيل السابق؟ طبعا لا، فالتغير سنة الله في الأرض، ومن وجهة نظري سوف يكون التغير للأفضل وفق التطور الطبيعي للديموقراطية، ومن المعلوم أن الحلول ليست دائما مادية أو تكسبا سياسيا هنا وإرضاء اجتماعيا هناك ـ المسألة أكبر من ذلك بكثير فالمسألة مسألة وجود واستمرارية وتعاقب للأجيال لا جيل واحد فقط - ولم نحتح لهذا التطور الفكري الى الآن بسبب الرفاه بفضل الله، وذلك لا يلغي التفكير في المستقبل وبصورة ثاقبة فدوام الحال من المحال، فلا أفضل من أن يكون حاضرنا الذي نعيشه ذا سمات عالية الفكر تؤسس لمستقبل قوي دون نزعات أو تراكمات تلغي التواصل والوطنية، ففي نهاية كل يوم من أيامنا هذه يكتب التاريخ بتراكم زمني مخيف له ماله وعليه ما عليه، وبما أننا نستطيع أن نكتبه الآن فما الضير بأن نكتبه بوطنية لا تخضع لأحد سوى للوطن لا لغيره، فالعمل على المساواة في تقديم الفرص بكل نواحي الحياة والعمل والتجارة والخدمات والجنسية وحل القضايا المعلقة لا يتطلب الكثير من الأفكار والعقد فحلها بسيط جدا إن وجدت النية الحقيقية لإدارة الدفة بشكل يوجهنا لطريق الكمال.
كما أنني لا أحب أن أعول كثيرا على صناع القرار تحت قبة عبدالله السالم لعلمي بعدم أهمية تلك المرحلة عند الأغلبية منهم، فالمتابع للأمر يعلم خوافيه ويعلم جوانب القصور، ما أود قوله وباختصار هو: من الحكمة أن تعلم الدولة اننا كمواطنين بسطاء رديفين لها فوق تلك الناقة ولن نعول في الأمور الجسام على اي مشرع لا يعلم انه مشرع ولن نطلب نعليه أو نعلي الحكومة للوقاية من الرمضاء ولن نكتفي بالسير في ظلال ناقتها أيضا، وليس للحكومة أو مجلس الأمة دور غير إدارة شؤوننا وشؤون الدولة دون إقصاء أحد أو تجاهل تعاقب الأجيال واستئثار كل الفكر والمال والرافاة والسياسة في جيل واحد فقط، فصدور الرجال ليس كصدر معاوية ولا يحسنون تدبير الأمر مثله فلا تكلوا الأمر لتقلب الظروف بل أديروها كما يجب أن تدار الدول دون استياء أو تكبر أو تنكر لأحد فالكل رديف الكل.
[email protected]