لم يكن لدينا سابقا الكثير من مكاتب السفر ومنظمي الرحلات أو الأدلة السياحية وكان الاعتماد الكلي على المغامرين وتناقل الحكايات ونقل التجارب ممن سافر قبلنا، وبعد عدة اجتماعات حاسمة مع الصديق هادي الدوسري وقع الاختيار ذات صيف في منتصف التسعينيات ودون تخطيط فعلي على إحدى الدول الجديدة بالنسبة لنا والتي لا نعرف عن طبيعتها ولا لغة أهلها أي شيء، وقع الاختيار على دولة رومانيا في شرق اوروبا، بعد الكثير من المواقف والضحك والفوضى في السكن والتنقل استمر بنا الحال حتى استقررنا في مدينة جميلة تدعى «براشوف» وكانت من أجمل المناطق الجبلية الخلابة ومركز التسوق «السنتر» فيها من أجمل الأماكن، ولم نكن نعاني إلا من قلة المطاعم وإن وجدت فهي لا تخدم الذوق العربي المتعود على نقيض ما يقدمون من طعام ولم يكن ينقذنا آنذاك إلا الطبخ في السكن أو مطعم البيتزا المملوك لأحد الإخوان العرب الذي لا يحبذ وجودنا فيه كثيرا، بل لم يتحدث إلينا ولا مرة واحدة وهو يعلم أننا عرب ويترك مهمة تولي طلباتنا للعاملين لديه، وبعد طول انتظار وملل من أكلهم ومن نوعية الخبز لديهم المزعجة جدا في الأكل وبما أن الحاجة أم الاختراع ذهبت ذات صباح الى مطعم البيتزا وطلبت منه أن يعطيني «بيتزا بدون بيتزا» أي طلبت بيتزا بدون أي مكونات غير رقيقة الخبز السفلية فقط وبعد جهد ومحاولات لتفهيمه، تدخل الأخ العربي الذي قال لي سأعطيك ما تطلب ولكن سأحاسبك وكأنها بيتزا كاملة، فوافقت على شرطه باسما طمعا بالخبز الذي نعرفه، استمر بي الحال لمدة يومين وعند دخولي لليوم الثالث وجدت المطعم مزدحما من بعض العرب وإذ بأخينا العربي يستقبلني بالأحضان قائلا «انت منين جبت هالفكرة، هسا ابيع بيتزا بدون بيتزا وبنفس السعر، ولك انت قلبت مطعم البيتزا مالتي خبز تنور»، تبادلنا الضحك وقلت له إن الله هو الرزاق والحاجة أم الاختراع.
اعتقد أن أهل الشهادات المزورة مثل البيتزا اللي ما هي بيتزا، والسؤال: هل سيجد هؤلاء أحدا يتعاطف معهم؟ فالظروف هي من أجبرتهم على أن يحتالوا على الدولة كما احتلت أنا على البيتزا ووجدت من يساعدني! وبالنهاية هم من تعود على طبيعة أن تكون الدراسة والحياة سهلة فلماذا التعب! (مو لازم بيتزا بالخضار عادي خبزة تنور تمشي الحال).
بعد هذه القصة هل تصدقون أن الحكومة جادة بمحاسبة من باعوا لنا خبز التنور على انه بيتزا كاملة وبدون علمنا وأخذوا ما ليس لهم به من حق؟ أم انها مجرد لجان تعقبها لجان؟!
لا أعلم.. أما عن نفسي فأنا أصدق إجراءات الحكومة وبما أننا شركاء معها فستطلعنا على نتائج تلك اللجان قريبا جدا ودون تسويف أبدا، فهي خط الدفاع الأول في هذا المضمار.
[email protected]