يذكر أرسطو في كتاب فن الشعر أن الكوميديا هي «محاكاة لأشخاص أدنى مرتبة ولكن ليس بالمعنى الكامل للسوء، إذ أن المضحك ما هو إلا فرع من فروع القبح، فقوامها نوع من أنواع النقص أو القبح ليس مؤلما ولا هداما فالقناع الكوميدي قبيح مشوه ولكنه لا ينطوي على ألم».
ذلك هو تعريف الكوميديا وهذا ما أصبح يطبق في بعض القرارات الوزارية الصادرة في الآونة الأخيرة، وقد يستغرب البعض من مقارنة الكوميديا بالقرارات الوزارية ولكن تلك هي الحقيقة التي نحاول أن نتجاهلها للأسف الشديد في الآونة الأخيرة والتي سنرى نتائجها السلبية في المستقبل القريب من خلال كوميديا هزلية تؤدي إلى البكاء والحسرة إن شاء الله.
قد يظن البعض أنني أرى المستقبل بعين تشاؤمية ولكن عندما قمت بالبحث عن معنى الكوميديا لإعداد دراسة علمية أقوم بها، ووجدت أن ما نعيشه من قرارات نسمعها ونقرأ عنها ولكن دون تنفيذ فعلي لها هو بالفعل ما قام به أرسطو من تعريف للكوميديا نعم علامة تعجب لتأكيد ما أصبو إليه، فالكوميديا قامت على محاكاة النقص أو القبح من خلال الحوار المسرحي وها نحن نقوم بتطبيق الكوميديا في قراراتنا باستخدام المحاكاة لسد بعض النواقص المتواجدة في وزاراتنا أو تجميل بعض صور القبح في مجتمعنا ولكن من خلال الورق دون التنفيذ.
نعم يعاني المجتمع من نواقص كثيرة في البنية الأساسية، كما نعاني من فقدان جماليات كثيرة في منشآتنا ووزاراتنا، والغريب في الأمر أن المسؤولين يعلمون بتلك النواقص وبذلك القبح لكنهم يقومون بعملية تجميل لها من خلال قراراتهم التي نسمع عنها دون أن نرى تنفيذا فعليا لها، الأغرب من ذلك والذي تفوقنا فيه على أرسطو هو المادة نعم المادة وأقصد هنا المال، حيث نجد أن تلك القرارات بعد التوقيع والإعلان عنها للجمهور يضخ لها مبلغ وقدره (...) من ميزانية الدولة ولكن أين يذهب بعد ذلك؟ الله أعلم وهكذا تدور بنا أحداث المسرحية، عفوا القرارات المسرحية التي يتغير بطلها لأي ظرف ما من الممكن بطرح الثقة أو بالتدوير أو التغيير ويأتي لنا بطل آخر يحاكي بعض النواقص ويقوم بإصدار قراراته وتضخ له مبالغ مالية ولكن مع وقف التنفيذ.
أصبحنا والحمد الله نعيش في مسرحية يعاد حوارها المسرحي على مدار 24 ساعة بنفس الكلمات ونفس القرارات ولكن يتغير شيء واحد في كل مرة هو البطل المسرحي أو بمعنى أدق الشخصية المحورية للمسرحية التي نعيش بها ولا نشاهدها وتلك هي المشكلة، ما نعيشه الآن يذكرني بالمسرح الملحمي ولكن والحمد لله أن المسؤولين عندنا فاقوا أرسطو وبريخت رائد المسرح الملحمي لماذا؟ لأن مسؤولينا والحمد لله قاموا بعمل نظرية جديدة وهي دمج الكوميديا بالملحمية وهذا هو الإبداع السياسي الذي سوف نرى نتائجه عن قريب إن شاء الله من خلال كوميديا سوداء.
> > >
كلمة وما تنرد: لا أعلم أين ديوان المحاسبة وجهاز الخدمة المدنية عن بعض القرارات الوزارية؟ بل أين هم من المبالغ المالية التي تدفع لمشاريع لم نر منها شيئا غير الأوراق الوزارية.
[email protected]