الفقه هو العلم بالشيء والفهم له، والفطنة فيه، وغلب استخدام اللفظ مع علم الدين لشرفه، كما ذكر القرآن الكريم: (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول)، وقيل: هو عبارة عن كل معلوم تيقنه العالم عن الفكر، ويأتي تعريف الفقه في الاصطلاح على أنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية الصحيحة وفق أصول فقهية سليمة.
أما الفن فهو نتاج إبداعي إنساني ويعتبر لونا من الثقافة الإنسانية لأنه تعبير عن التعبيرية الذاتية وليس تعبيرا عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته رغم أن بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام، كما تم تعريف كلمة الفن للدلالة على المهارات المستخدمة لإنتاج أشياء تحمل قيمة جمالية على تعريفه فمن ضمن التعريفات أن الفن مهارة، حرفة، خبرة، إبداع، حدس، ومحاكاة.
تلك معاني «الفقه والفن» ووجب علي ذكرها قبل البدء فيما سأقصه عليكم اليوم، والذي يعد من نوادر وغرائب التعليم العالي، فبالرغم من كثرة الطرائف التي يرددها البعض في صورة انتقادات لوزارة التعليم العالي إلا أن تلك النادرة التي حدثت تعد بالفعل أضحوكة توضح ما وصل إليه مستوى التعليم، وهاهي القصة كاملة من واقع المستندات التي بحوزتنا:
«أحد موظفي الوزارة من العاملين في المعاهد الفنية وجهت إليه دعوة من إحدى الدول العربية لحضور مهرجان فني، وركزوا معي في «فني» لأن الموضوع بأكمله نتجت أحداثه من تلك الكلمة، المهم أن هذه المهمة تتطلب أن يقوم الموظف بتقديم ورقة تعقيب على عرض مسرحي في ذلك المهرجان، وبعد مرور الدعوة الرسمية على القنوات الإدارية والوزارية انتهت بتأشيرة الوزيرة على أنها مهمة علمية، وبعد توقيع الوزيرة وتوجيهها للجهة المختصة، قامت تلك الجهة بمخاطبة ديوان الخدمة المدنية دون ذكر الرقم المدني للشخص الذي سيقوم بمهمة تلبية الدعوة كما لو أن ديوان الخدمة أصبح لديه جهاز التنجيم أو الطالع ويمكنه معرفة من هو المقصود في ذلك الكتاب، المصيبة لم تقتصر على ذلك فقط بل إن تلك الجهة قامت بتحويل الدعوة من مهرجان فني إلى «دورة تدريبية فقه»!
وهاهو الموظف المكلف بالمهمة ينتظر أن تقوم الجهة المختصة بتعديل مسمى الدورة لكي لا يطالب فيما بعد بشهادة عن دورة لم يحضرها، والتي هي في الأساس مهرجان فني وليس دورة فقه، وما يثير الدهشة كيف يذهب شخص متخصص في الفن لحضور دورة فقه، وما الفائدة التي ستعود على عمله من تلك الدورة؟»
هذا كان مختصر القصة أو الطرفة التي تمتزج بالأسى على ما وصلنا إليه من مستوى في اللغة العربية وتلك الحرقة التي تأتي من القلب لما وصل إليه مسؤولو التعليم العالي في الكويت:
فإذا كان الفن تحول إلى الفقه فلا تنزعج فإنك في التعليم العالي!
كلمة وما تنرد: «لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية» مادة 2 من دستور الكويت.
[email protected]