تعرف «الطبيعية» عند أهل الأدب بأنها «المذهب الذي نادى به المفكرون والأدباء في القرن التاسع عشر وطالبوا فيه بالابتعاد عن الخيال والخضوع التام للواقع مع الالتزام بدراسة الحياة وإجراء التجارب واستقراء الحقائق للواقع من خلال التجربة وتدوينها»، ذلك هو تعريف الطبيعية الذي اندثر منذ زمن بعيد لعدم تقبل الجمهور له، ولكن أتى البعض في تلك الآونة لإحيائه مرة أخرى.
نعم لقد أصبحت الطبيعية تمارس في كل من وزارتي التربية والتعليم العالي، كيف؟ لا تندهش، ولا تسأل، فما نسمعه ونشاهده اليوم ما هو إلا مناداة لإحياء المذهب الطبيعي، ونتساءل أين ذلك؟ انه في التربية والتعليم، ولنتعرف كيف يتم ذلك، نستعرض وإياكم بعضا من فصول المسرحية.
بالأمس بدأنا بالتحرش الجنسي وكان ذلك الفصل الأول من تلك التجربة كما جاءت في المذهب الطبيعي الذي يقوم على الدراسة والتجربة لنتائجها على مجتمعنا وطلبتنا في المدارس بل وفي الجامعات أحيانا، عفوا هذه ليست أضحوكة بل ذلك هو الواقع المرير، تتبعوا معي للتأكد من أن سياسة الوزارتين نابعة من المذهب الطبيعي، فبعدما انتهينا من موضوع التحرش الجنسي الذي وللأسف لم ينته بل انتهى عند من يريدون انتهاءه من خلال وعود ورقية إعلامية واعتمادات مالية بوضع كاميرات للمراقبة التي سمعنا عنها ولم نشاهدها الى الآن، ونحن بالانتظار وبهذا ينتهي الفصل الأول، ويبدأ الفصل الثاني من المسرحية الطبيعية التي تمارس في هاتين الوزارتين المدموجتين في وزارة واحدة (كأنها إعلان اثنين بواحد) القتل فنجد ان مؤلفينا، عفوا مسؤولينا، لم يجدوا التأثر المطلوب بما يعرض في مسرحيتهم من قبل الجمهور وأعني السلطة التشريعية والمجتمع، واحتاروا فيما يفعلون ليلتفت لهم الإعلام ويسلط عليهم الضوء فقاموا ونفذوا دون تدخل الخيال، كما نصت قوانين المذهب الطبيعي الابتعاد عن الخيال والكتابة من خلال التجربة، عملية القتل فكان القتل هو بداية الفصل الثاني بعد تمهيدات من الضرب والمشاجرات سواء بين الطلبة أو أعضاء هيئة التدريس أو مشاجرات كلامية من بعض موظفي الوزارة وها نحن نعيش الفصل الثاني بوقائعه المريرة بموت (عمر)، ولم يكن عمر هو الأول ولكن ما حدث لعمر كان نتيجة لتجارب كثيرة من العنف مورست على أبواب مدارسنا وأدت الى مقتل ذلك الطفل، والسؤال هنا: ماذا سيستجد من أحداث في الفصل الثالث؟
الخيال ممنوع ولكن بما انني لست من مؤيدي المذهب الطبيعي فسأكتب من واقع الخيال، وهنا لا أستطيع إلا ان أرثي حالنا عند صاحب الشأن لما وصلنا اليه من مرحلة تدهور في التعليم والتربية وأطلب من أولي الأمر أن يرحموا أولادنا من ذلك المذهب ومن التجارب التي فاض الكيل منها بالتدخل السريع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن لجان التعليم في السلطة التشريعية أصبحت يدا متعاونة مع من يقتلون أولادنا كل يوم سواء كان القتل في العقل أو الجسد فإلى متى ونحن ننتظر الفرج؟
كلمة وما تنرد: مادة (10) من دستور الكويت: ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي.
[email protected]