موضوعنا اليوم مستمد من إحدى أساطير اليونانيين القديمة التي امتازت بالبريق المتميز في الأدب العالمي والرونق الجذاب في الفكر الإنساني، وهذا يرجع إلى عنصر الخيال الذي يجذب القارئ لتلك الأساطير حيث نجد أن اليونانيين القدامى امتاز أدبهم وفكرهم بتفسير كل شيء في الحياة على ضوء هذه الأساطير مما جعلها ممتدة إلى عصرنا هذا، وصندوق باندورا قصة من قصص الميثولوجيا الإغريقية التي تحكي عن «فضول المرأة».
أسطورتنا التي ينبع منها موضوعنا الذي نريد التسليط الضوء عليه اليوم تتلخص في أنه: «كانت هناك امرأة تدعى باندورا تزوجت من ابيمثيوس، وفي صباح زواجهما أرسل إليهما زيوس وهو الأخ الأكبر لابيمثيوس هدية الزواج التي كانت عبارة عن صندوق مغلق، ومع الصندوق رسالة بعدم فتح الصندوق، فالتزم ابيمثيوس بالأمر ولكن باندورا جلست بجانب الصندوق تفكر فيما يحتويه ذلك الصندوق ومع تفكيرها ومحاولاتها بإلحاح على زوجها لفتحه للأسف باءت محاولاتها بالفشل، وفي يوم ما غاب زوجها عن البيت، فاندفعت باندورا بفضولها إلى الصندوق وأخذت تنظر إليه وتفكر فيما يحتويه من مفاجآت وأسرار قد تفوز بها إذا قامت بفتحه، وبالفعل فتحته، لكنها ندمت على ذلك حيث خرج من الصندوق كل ما هو فساد وشر لها وللبشرية».
تلك هي أسطورتنا، لكن موضوعنا اليوم ليس عن «فضول المرأة» لكن ما نريد التسليط عليه من هذه الأسطورة هو «الفساد وكيفية إصلاحه»، فباندورا فتحت الصندوق وأخرجت كل الشرور والفساد منه إلى الدنيا والبشر ولم تحاول فيما بعد البحث عن الحلول أو إعادة الفساد والشر للصندوق وإغلاقه مرة ثانية، لذا يجب على الإنسان ألا يفعل مثلما فعلت باندورا بل عليه مواجهة الشر وإصلاح الفساد ولابد أيضا من إغلاق الصندوق بعد إيجاد الحلول والإصلاح، لكيلا تأتي لنا شرور أخرى ويحل علينا فساد آخر.
وإذا كنا من الآن سنبدأ إجازة تشريعية وتنفيذية فإن الحل لكثير من مشاكلنا يأتي من تلك العطلة، وهنا أقترح على كل مسؤول سواء كان تشريعيا أو تنفيذيا يتمتع بإجازة أن يقوم بعمل «أجندة» خاصة ليست له بل لنا ليسجل فيها كل ما ينحدر تحت مسمى «الفساد والأخطاء» ويضع الحلول المقترحة لها وكيفية إصلاح تلك العقبات، فعلى سبيل المثال لا للحصر:
- المديونيات فصندوق المعسرين أو المتعثرين ليس هو الحل.
- نسبة توظيف الوافدين في الدوائر الحكومية (50%) أدت إلى البطالة التي يواجها مجتمعنا، فالرواتب الشهرية التي تعطى من غير عمل لهم ليست هي الحل.
- التعليم العالي والتربية، حان الوقت لفصل الوزارتين فالأسئلة البرلمانية لمشاكل الوزارتين ليس هي الحل.
- الثقافة، لابد من إنشاء وزارة أو هيئة لها، فتوزيع الثقافة على الدوائر الحكومية ورعاية بعض الأشخاص والتبرع للمتاحف الخارجية ليس هو الحل.
- الكهرباء والماء واعتراف الوزير بوجود أزمة ليس هو الحل.
- تلوث البيئة والشواطئ والمحافل والندوات التي تقام بشأنها ليس هو الحل.
كلمة وما تنرد: الحل في أن نضع الكويت في أعيننا لنتمكن من إغلاق صندوق الفساد.
[email protected]