«الإعلام» مصطلح يطلق على أي وسيلة أو تقنية تقوم بنقل المعلومات ونشر الأخبار، وقد ظهر الإعلام منذ بدء الخليقة وتطورت فنونه ووسائله مع تطور الزمن، وظهور عصر التكنولوجيا والفضائيات، ففي السابق وقبل ظهور الكهرباء كانت الأخبار تنقل عن طريق الإنسان حيث كان الإنسان هو الذي يقوم بنقل الأخبار والمعلومات للمجتمع وكان لذلك فنونه وأشكاله المختلفة، ومع ظهور الكهرباء وبدء عجلة التكنولوجيا وتطور العصر أصبح الإعلام علما من العلوم التي تدرس في الجامعات وأصبحت له فنونه وأسلوبه الخاص به، ومع هذا وذاك نجد أن بنية الإعلام الأساسية لم تتغير وهي نقل الأخبار والمعلومات مع الفارق في الوسيلة التي تنقل بها الخبر، ولكن ما نشاهده اليوم ونسمعه لا يمت بصلة لعلم الإعلام الذي درسنا فنونه وبحوره، والذي آمنا بأنه علم لا يشترى، بل هو رسالة غير ربحية تساعد الإنسان وتسهل له نقل المعلومات والأخبار والاستفادة منها.
قضيتنا اليوم ليست الحديث عن علم الإعلام ووسائله بل قضيتنا اليوم هي تصنيف الإعلام وشراؤه، وقبل أن أخوض معكم في قضيتنا دعوني أسرد لكم واقعة حدثت لي منذ عامين وكنت أظن أنها مجرد كلمات تملأ ساعات الاجتماع ولكن ما يحدث اليوم يؤكد أن ما سمعته لم يكن مجرد حديث عابر بل كان مخططا لخرق وتمزيق الوحدة بين المسلمين – وإليكم ملخص الندوة:
كنت مدعوة إلى ندوة في إحدى الجامعات الخاصة خارج الكويت وكانت الندوة تتحدث عن الإعلام وأهميته وأثناء الندوة قام أحد الحاضرين بتوجيه السؤال للمشاركين في الندوة، قائلا: أين الإعلام من البرامج الدينية؟ سؤال خطير ومهم في نفس الوقت، ولم يكتف بالسؤال عن ذلك بل كانت له تكملة وهي «في الآونة الأخيرة تبث برامج حوارية كثيرة تحت شعار الدين من أناس لم نسمع عنهم من قبل ولا نعلم ما هي دراستهم في بحور علم الإسلام والفقه وما هي مرجعياتهم فيما يقولون من دلائل وبراهين مذكورة، فقط أصبحت تلك البرامج مرجعية لفئات كثيرة من المجتمع الإسلامي، والسؤال الثاني أين دور الرقابة الإعلامية في ذلك؟ ومن هو المسؤول؟ انتهى السؤال وأصبحنا ننتظر الإجابة من المشاركين في الندوة وإذا بأحد المشاركين والذي يحتل منصب مدير قسم الاعلام في تلك الجامعة الأجنبية يقوم بالرد الذي كان صفعة للحاضرين وهو: أن الأجندة الجديدة للإعلام هي تفكيك الوحدة الإسلامية عن طريق تلك البرامج وستزداد أكثر في الأعوام القادمة لنقدر أن نجعل الإسلام لا يكون أساس الحكم في الدول الإسلامية والعربية، فمن خلال تضارب التحليلات وتشتيت الأفكار من خلال المعلومات المعطاة للمشاهد سوف نجد أن الهوية الإسلامية أصبحت مشتتة، وأنتم تعلمون أنه ما لا تقدر السياسة على عمله يقوم الإعلام به بل وبتنفيذه، وبعد أسئلة كثيرة من الحاضرين عن الإعلام والإجابة عنها من قبل المشاركين انتهت الندوة وبقى شيء واحد ما ميز تلك الندوة وهو «الإعلان عن تفكيك الوحدة الإسلامية».
ما نسمعه اليوم ونشاهده هو تأكيد لتلك المحاضرة وهو التفكيك والابتعاد عن «الوحدة»، برامج كثيرة تبث لأشخاص لا نعلم من هم وما دراستهم التي تهيئهم للحديث عن الإسلام والفقه، فقط نجد أنهم يحرمون ويحللون وفق ماذا، لا نعلم بالأمس القريب كنا نحيا زمن الحب والأخوة لا فرق في المذاهب ولا الأديان وكنا نمتلك برنامجا دينيا واحدا الكل يشاهده من مختلف الأديان والأجناس والسبب أن من يقدمه له مرجعية شرعية من الدولة، أما اليوم فقد أصبح لكل مواطن برنامج ولكل مجموعة داعية ولكل مذهب ألف مشرع ولكل دين مليون محارب.
كلمة وما تنرد:
إلى المسؤولين عن الإعلام المادة (35) تقول «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون» بس الظاهر ربعنا نسوا الجزء الأخير من مادة الدستور!
[email protected]