البخل يعد أحد الأمراض النفسية الاجتماعية التي للأسف الشديد زاد انتشارها داخل مجتمعنا، والبخل صفة مكتسبة غالبا كما تؤكد التجارب العلمية والنفسية، وأنه يأتي نتيجة تراكم عوامل نفسية في النفس البشرية، فقد يكتسبها الإنسان من أبويه وفق علم الوراثة والتربية والبيئة المحيطة له، وقد يكتسبها من الواقع الوظيفي له، وتقول دراسات أخرى ان البخل قد يكون وليد الحرمان أو ظروف أخرى مر بها الإنسان في مراحل حياته.
والبخل لا يقتصر فقط على المال بل يكون في المشاعر أيضا، وهذا ما وجدته بالفعل عندما قرأت بعض النوادر لقصص موروثة في «تاريخنا الشعبي» يثبت لنا بعيدا عن الدراسات العلمية والنفسية أن البخل يكتسب من المحيط المعيش سواء كان من الأسرة أو محيط الفرد، وللبخل فنون تظهر من بعض القصص، نسرد منها ما يلي:
«يحكى أن أحدهم نزل ضيفا على صديق له من البخلاء وما ان وصل الضيف حتى نادى البخيل ابنه، وقال له: عندنا ضيف عزيز على قلبي فاذهب واشتر لنا نصف كيلو لحما من أحسن اللحوم. فذهب الولد وبعد مدة عاد ولم يشتر شيئا، فسأله والده: أين اللحم؟ فقال الولد: ذهبت إلى الجزار وقلت له: أعطنا أحسن ما عندك من اللحم، فقال الجزار: سأعطيك لحما كأنه الزبد. قلت لنفسي إذا كان كذلك فلماذا لا أشتري الزبد بدلا من اللحم، فذهبت إلى البقال وقلت له: أعطنا أحسن ما عندك من الزبد، فقال: أعطيك زبدا كأنه الدبس، فقلت: إذا كان الأمر كذلك فالأفضل أن أشتري الدبس. فذهبت إلى بائع الدبس وقلت: أعطنا أحسن ما عندك من الدبس. فقال الرجل: أعطيك دبسا كأنه الماء الصافي. فقلت لنفسي: إذا كان الأمر كذلك، فعندنا ماء صاف في البيت. وهكذا يا والدي عدت دون أشتري شيئا. قال الأب: يا لك من صبي شاطر، ولكن فاتك شيء لقد استهلكت حذاءك في الجري من دكان إلى آخر. فأجاب الابن: لا يا أبي لقد لبست حذاء الضيف».
كلمة وما تنرد: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعلمون خبير ـ سورة آل عمران: 180).
[email protected]