نرمين الحوطي
من منا لا يعرف هذه الاسطورة او يقرأ عنها، انها شخصية اسطورية اختلفت الآراء حولها كثيرا، فالبعض قال انها اسطورة، والبعض رأى انها حقيقية، فالاسطورة الكل منا يتمنى ان يمتلك قوته في هذه الدنيا ويهد كل الاخطاء على رأس المخطئين، وعليه تذكر ولو بعض الشيء لهذه الاسطورة المشهورة عندما اخرجوه من السجن مقيدا ومحاطا بالحراس امام عشيرته وأوثقوه بين الاعمدة، فطلب من الحراس ان يلمس الاعمدة، ودعا ربه أن يعطي له القوة لينتقم دفعة واحدة من اعدائه، وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين كان البيت قائما عليهما واستند الى احدهما بيمينه والآخر بيساره ودعا ربه فسقط البيت على كل الشعب وعليه، وهنا خلص البشرية من اليهود بهذا العمل عشرين عاما، فمن منا لا يحب ان يكون شمشون الجبار بقوته ليخلص البشرية من الظالمين والمعتدين ويقدم روحه فداء للأمة العربية؟! هذا بالنسبة للجانب الاسطوري وهو الجانب الخيري للشخصية، أما الجانب الحقيقي من هذه الشخصية فنحن نراه كثيرا في مجتمعنا، سوف تتساءلون كيف هذا وهو من عهود ما قبل الميلاد؟!
إن الآراء التي اثبتت ان شخصية شمشون الجبار حقيقية هي آراء نابعة من دراسات تاريخية حقيقية، هذه الدراسات اثبتت ايضا انه كان رجلا محبا لإثارة الفتنة بين اهله واصحابه، ثم يجلس ويتفرج عليهم وهم يتخاصمون ويتحاربون، وهذه الصورة موجودة بكثرة في مجتمعنا والله يساعدنا عليهم، كما خلصت آراء اخرى الى انه محب للظهور اي يحب ان يظهر كالنجم اللامع، وهذه الفئة عددها لا يحصى وما اكثرهم في جرائدنا اليومية، ظهور بدون فائدة، وهناك رأي آخر يقول انه يعشق استخدام الكلمات الرنانة، خصوصا تلك التي تظهره كمثقف وعارف بأسرار السياسة والاقتصاد وملم بشتى الطوائف والملل، فهو يريد ان يوحي للمجتمع بأنه نابغة لا يشق له غبار، وهذه الفئة ما اكثرها ليس فقط عندنا، بل في المجتمع العربي ككل، ومن منا لا يشاهد على مدار يومه بعض المتحدثين في مصطلحات ومذاهب لا يفقهون ما هي، على سبيل المثال «العولمة» التي يتشدق كل مسؤول بها ثم اتت علينا صرعة جديدة او كلمة جديدة «الشفافية»، اصبح الكل ينادي بها ونحن نسمع، كما لو أنها شخص معروف ونحن جاهلون به، بل تتم المناداة لتطبيق دراستها في مناهج التعليم، ونحن الآن بصدد الموديل الجديد لعام 2008 والله يستر.
من هنا نجد ان شمشون الجبار سواء كان اسطوريا او حقيقيا موجود على كل المستويات، ليس فقط في عصره، بل على مر العصور الزمنية، فنحن نراه على الدوام سواء في عصرنا او في العصور القديمة، نرى منه الجانب الاسطوري، والجانب الخيري، عشنا معه الجانب الخير والجانب الشرير، وهنا يستوقفني شيء واحد وهو ان تاريخ العرب على الدوام متوقف عند تاريخ محدد، كما لو ان اجدادنا كانوا يسطرون التاريخ لنا وللأجيال المقبلة لأنهم كانوا يعلمون أننا لن نستطيع ان نسطر تاريخنا الخاص، وان امجاد الامة العربية ستقف عند كل من صلاح الدين الايوبي وسعد زغلول.