نرمين الحوطي
من غير المعقول ان يرى الانسان حقا من حقوقه يسلب منه ويقف جامدا لا يحرك ساكنا، والحقوق هنا متعددة ومتشعبة في تلك الحياة التي تشابكت فيها كل المصالح سواء منها العامة او الخاصة، وقد جعل الله سبحانه وتعالى مقاليد الامور في ايدي البعض من الناس واوصاهم بإقامة العدل مادام الميزان تحت ايديهم، لكي تستقيم حركة الحياة كما ارادها الله للإنسان.
ولكن، وما اقسى هذا اللفظ الذي به تنقلب الموازين، اما الى الافضل، وهذا نسبته ضئيلة في تلك الايام التي غلبت فيها الفلسفة المادية على كل ما هو اخلاقي، واما الى الاسوأ، وهذا للأسف ما تفشى، لا اقول هنا في الكويت بل اعمم الحكم دون ادنى شك واقول في عالمنا المعاصر، والاحداث الجارية على سطح المعمورة لخير شاهد ومؤيد لهذا القول.
واذا كان الامر كذلك فهل نركب الموجة وندعها ترسو بنا على اي شاطئ حتى لو كان شاطئ الدمار، او نشير الى منطق الحق ونقولها حتى لو اغضبت البعض منا؟ فالنبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يقول في حديثه: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه،فوإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان»، وانا هنا ألجأ الى السلطة الثانية وهي اللسان او ما ينوب عنه وهي الكلمة.
واعود الى بداية الحديث وهو سلب الانسان حق اخيه بوسائل متعددة يكون الفرد نفسه وسيلة لانتقال هذا الحق من فرد الى آخر، كذلك المواطن الذي يتخذ من وضعه الاجتماعي الذي امنته له الدولة وسيلة للكسب غير المشروع والسماح لنفسه بالثراء الحرام مهما كانت الوسيلة، هذا الدخل وصدقوني القول ما هو إلا حقوق آخرين شركاء له في الكويت، لماذا بالله عليكم؟ ان الخير في البلاد كثير، والامن والأمان اصبحا من سمة الوقت الراهن والحمد لله، فلماذا نجد البعض يستحلون ما لغيرهم لأنفسه وهم يعلمون تمام العلم انه محرم عليهم؟ اننا في الكويت قد اكرمنا الله بالعودة السريعة بعد العدوان العراقي الظالم، وهذا وحده اكبر دليل على اكرام الله لنا، ودورنا اذن ان نلتزم جميعا بمبادئ الاخلاق وندع لكل ذي حق حقه، وقد عرّف الله سبحانه وتعالى المال بأنه ليس إلا زينة في الحياة، والمال الذي عرّفه الله هو المال الحلال ورغم ذلك فهو زينة لا اكثر، فما بال المال الحرام والعياذ بالله؟ انه نقمة وليس زينة، نقمة تصل بصاحبها الى هلاك الدارين معا، والسيد المسيح عيسى بن مريم ( عليه السلام ) يقول: «حب المال أصل كل الشرور»، وهو هنا ايضا يذكر المال الحلال الذي يؤدي حبه الى الشرور، فما بال المال الحرام حفظكم الله من كل الشرور، ان هذا المال الحرام هو حرام بالنسبة لمستحليه وقابليه بالطرق غير المشروعة، ولكنه في نفس الوقت حلال لطائفة اخرى سلب منها عن طريق اعتلاء المناصب.
ان خير الكويت كثير ويكفي الجميع ومثليهم اذا ما اتقوا الله في اخوانهم، ولكن الطمع والشيطان للبعض منا بالمرصاد، فهلا اعدنا النظر في امرنا كل فيما يخصه ليسود الامن والامان في كل الديار، وليمدنا الله من عنده بالعون الذي يحصننا من انفسنا من الغير.
ان الدنيا بأسرها لم تساو عند الله جناح بعوضة، فهل نحن البشر ابناء آدم ومعتنقي الدين الاسلامي نشتري ترابها بآخرتنا؟ اذن خسرت الصفقة وربح الشيطان وضاع الانسان، لذلك اقولها لنفسي قبل غيري: عودة لأخلاق الماضي مع العمل للحاق بركب التقدم والمستقبل الزاهر في كويتنا المحمية.