نرمين الحوطي
نحن نعيش في زمن نبحث فيه عن وجود شخصية سقراط، والسؤال هنا هو، لماذا سقراط بالأخص؟ والاجابة هي مبدأ سقراط وشعاره وهو «اعرف نفسك»، ونحن في هذه الآونة نحتاج الى ان نسأل أنفسنا هذا السؤال، وبداية نتحدث ولو لبعض الوقت عن: من هو سقراط؟هو بلا شك أعظم معلم ظهر في تاريخ البشرية، وهو رمز للعبقرية والنبوغ الذي حققته أثينا ابان قمة ازدهارها في القرن الخامس قبل الميلاد، عمل بالفلسفة وراح يعظ الناس ويعلمهم في كل مكان دون ان يتقاضى على ذلك أجرا لأنه يعتبر ذلك رسالة إلهية كلفته بها السماء.
وتتلخص فلسفة بأكملها في هذه الجملة التي وجدها مكتوبة في معبد دلفي، التي اتخذها شعارا له وهي «اعرف نفسك»، ومن ثم فقد من اتخذ من معرفة نفسه نقطة بدء لفلسفة ان الانسان اذا فحص نفسه رأى فيها الإله، أي اهتدى اليه، وتلك هي المعرفة الأولى التي يجب تحصيلها قبل كل معرفة سواها، ومنهج سقراط الذي اتبعه في البحث عن حقائق الأشياء هو منهج «التهكم والتوليد»، وهذا المنهج يتكون من مرحلتين، المرحلة الأولى تتمثل في ان سقراط يختار موضوعا للحوار ويختار احد المهتمين به ويبادره بالسؤال عنه وحينما يشرع الرجل في ابداء رأيه ويكون سقراط قد اظهر جهله بالموضوع، ويأخذ في مناقشة افكار خصمه حتى يشعره بأنه قادر على ان يستمر، وهنا تبدأ المرحلة الثانية «مرحلة التوليد»، وفيها يبدأ سقراط بإعادة بناء المعرفة بعد ازالة آثار المعارف السوفسطائية المشوهة وأفكار سقراط تتلخص في وجود ماهية ثابتة لكل شيء هي حقيقة وجود نظام للخير يربط هذه المبادئ ويجعل منها نظاما متماسكا، وجود حقيقي واقعي لتدبير إلهي للأشياء في ظل قانون الإلهية، النفس متمايزة عن البدن فلا تفسد بفساده بل تتخلص بالموت من سجنها وتعود الى صفاء طبيعتها، والدين تكريم الضمير الحي للعدالة الإلهية وليس صحيحا ما يروى عن شهوات الآلهة وخصوماتهم، والحكمة تجعل العقل هو المتحكم في الهوى.
ومن خلال هذه السطور نستنتج ان الإنسان لابد ان يكون له مبدأ وقضية يدافع عنهما، بل لابد ان يعرف ماذا يريد، ولماذا، وكيف، كل هذه التساؤلات لابد ان يضعها كل انسان في عقله ليعرف كيف يبني نفسه ليبني بلاده.