نرمين الحوطي
الشباب في كل أمة هم عماد تقدمها وسبب رقيها، بل هم عجلة الزمن الاساسية التي تدفع المجتمع الى التقدم والازدهار، ومن هذه الدعائم دعامتان اصليتان هما: قوة النهضة نفسها وتتمثل في مبادئها وأهدافها ووضوح طريقها، وقوة المؤمنين بها وحاملي رايتها، وخاصة من الشباب الذين آمنوا بها وأخلصوا لها واعطوها من انفسهم وجدهم ما زادها قوة الى قوتها، والمنهج السليم لسلوك الشباب هو المنهج الشامل للانسان البشري كله، المساير للفطرة الانسانية، المحقق للتوازن في الحياة، الذي يدعو الى الايجابية السوية والواقعية المثالية، وهذا المنهج يربي الروح والعقل والجسد، ولا يرقى بالروح ويترك الجسد، أو يربي الجسد ويترك العقل، بل يهتم بكل ذلك جملة كما يهتم بتفاصيل الجوانب المرعية لتتكامل الجوانب الانسانية في الفرد لينسجم مع مجتمعه الانساني ويعمل من خلاله على تقدم الحياة والوصول بها الى أرقى درجات التقدم والرقي.
والحياة قاسية بما فيها من شهوات وزخارف، وبما فيها من موبقات ومهالك، ولو ترك الشباب للحياة لتقاذفتهم شهواتها، وجرفتهم زخارفها، ولأودت بهم الموبقات والمهالك، ولضاعوا بين قسوة الحياة، والشباب مع ذلك هو امل الامة، وفي صلاحهم صلاح الوطن، وفي تركهم افساد للحياة الاجتماعية، وافضل الامثلة التي تعنينا في هذا المقام ما كان مصدرها الخير والحق وأصدقها ما جاء به القرآن الكريم، قال تعالى: (ولقد آتينا لقمان الحكمة ان شكر له ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد)، (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم)، (ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك الي المصير، وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم الي مرجعكم فأنبئكم بما كنت تعملون)، (يا بني انها ان تكن مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الارض يأت بها الله ان الله لطيف خبير).
فعلى الشباب ان يأخذوا من دينهم الحنيف وتعاليمه الخالدة ومبادئه المثلى أقوى العدة في هذه الحياة للتغلب على مشاقها، ذلك لأنه لا عاصم الا الدين الحنيف الذي جاء به خير البشر ليصلح به فساد الدنيا وفساد عقائدها، ولا دين بغير اخلاق، ولا مبادئ بغير الاتباع، ولابد من قدوة لهذا الشباب وتوجيه سليم في قيادته، ويجب ان يعلم الشباب ان من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، ويجب ان يعلموا ان من أخذ بالخير وصل، ومن ابتعد عنه انحرف، والسلام في الاتباع، والشر في الابتداع، وصدق الله العظيم حيث يقول: (أفمن يعلم انما أنزل اليك من ربك الحق كمن هو أعمى انما يتذكر أولو الالباب)، والله ندعو ان يلهم شبابنا الرشد والفلاح، انه نعم المولى ونعم النصير.