نرمين الحوطي
لم يكن أبدا للحياة ان تستمر على كوكب الأرض في غياب عاطفة الحب، فهو الوسيط الذي استطاع ويستطيع ان يجمع اكثر من واحد في ألفة مقبولة، واذا قلنا اكثر من واحد، فذلك لأن تلك العاطفة يجب ان تنتقل من الواحد الى الآخر، او آخرين حسبما توافر المناخ، اذن فبالحب ينجذب الواحد الى الآخر، يستوي ذلك في البشر وغيرهم من مخلوقات الله التي نعلمها والتي لا نعرف عنها شيئا، ومن يرد ان يتحرى فيلتأمل عالم الطير جيدا وسيرى معجزات يصنعها الحب، ومن هذا المنطلق ترقى عاطفة الحب الى اعلى مستوياتها بين بني الانسان الذي خلقه الله وزوده بغريزة العاطفة التي تحمل بين طياتها كل معاني الاستقبال لكل العواطف على اختلاف مسمياتها ويحكمها في هذه الحالة العقل الذي انفرد الانسان به عن سائر مخلوقات الله لينظم ويقيم هذه العواطف.
وعلى ذلك، فإذا نظرنا الى المجتمع العالمي، ثم المجتمع العربي والاسلامي وبالأخص مجتمعنا الكويتي سنجد عاملا مشتركا يجمع بين هذه المجتمعات وان تغايرت في بعض البلدان بحكم العادات مثلا والدين على وجه الخصوص الذي ينظم لنا هذه العواطف لتكرار ذكرها في القرآن والسنة الشريفة، ونعني هنا في هذا المجال عاطفة الحب فلقد ذكر هذا اللفظ مقترنا بلفظ الجلالة في اكثر من موضع (ان الله يحب) وذكر ايضا في اكثر من حديث نبوي «إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه»، الدافع للحب هنا ممكن ان يختلف ولكن اللفظ نفسه بمعناه الواضح يتكرر «الحب».
والحب بين بني البشر لم يكن محرما ابدا مادام وفق الشرع بل انه واجب بين الناس جميعا، ومادام هذا الحب مرتفع الدرجة، فإن الحياة التي تكون ممتلئة بالحب يكون لها شكل محبوب ونرى الأيام والأوقات توصف بأنها وردية وكلمات الود والصفاء والوفاء وما الى ذلك من مصطلحات تصنعها تلك العاطفة القوية التي تفرض جبروتها على المجتمع وتتحلى بها الأيام وتمتزج بها السنون، وهكذا للحياة ان تسير دوما على احسن ما يكون في تواجد هذا الحب الذي يحرك كل شيء من حسن الى احسن ويملأ أجواء المعمورة شبابا أينما وحينما وجد.
وكما قلنا ان هذه العاطفة لا يمكن ان تتواجد في واحد، ولكن لابد لآخر ان يشاركه، ومن هنا فان الحب يتخذ صفة القوة التي تدفع الطرفين الى الانجذاب كل الى الآخر ومنه يتولد التشوق والتفاني والتسامح بين الاثنين مادام الحب يجمع بينهما، ولكن هذه العاطفة كغيرها، تبدأ من القمة، قوية، ولها عمر افتراضي تتناقص كلما نالت منها الايام مسحة، وهذا هو الواقع، ولكننا نريد لهذه القوة، القمة، ان تحافظ على تواجدها المستمر بنفس البداية الى النهاية.
ان الحب اذا ما انقضى عليه 10 او 20 سنة يمشي وكأن الضعف قد اصابه وتراجعت قوته، وذلك يبدو واضحا على ابناء الأربعين، حيث يشعرون بان الحياة انتهت ويصيبهم نوع من الملل وجمود العاطفة، بل يشعرون بأنهم اصبحوا مجمدين، وربما كان لذلك سببه، التكرار المستمر دون ان يكون هناك دفعة من الخارج لكي يقتنع الانسان بأن الحب لا ولن يموت، ولكنه الوهم، الملل الذي لابد ان يكون له مخرج وهذا المخرج او هذا العلاج هو قضية الاعلام على مختلف اتجاهاته (الصحافة، التلفزيون، الاذاعة، المسرح)، وكذلك هو قضية يجب ان تتبناها الندوات المكثفة في مختلف المجالات حفاظا على البنية الاساسية للبشر، ان عاطفة الحب من أسمى العواطف وكما ذكرنا سابقا ان الله ورسوله أكدا عليها في اكثر من موقف، فهلا استجابت وسائل الاعلام المختلفة لابراز ما لهذه العاطفة من أهمية لاستمرارية الحياة واعمار الارض وتشييد بناء المستقبل لكويت اليوم والغد؟