نرمين الحوطي
قبل التحدث عن الطريق الى الحرية، لابد ان نتعرف على الحرية وماذا تعني، حيث ان الآراء اختلفت حول معناها، فكل منا يراها وفق محتواها الزماني والمكاني وما يدور حوله من اعراف سياسية واقتصادية واجتماعية، فعلى سبيل المثال نجد «جون لوك» وهو احد الباحثين عن الحرية يرى ان الحرية هي القدرة والطاقة اللتان يوظفهما الانسان لاجل القيام بعمل معين او تركه، اما «كانت» فيقول عن الحرية، انها عبارة عن استغناء الانسان عن اي شيء الا عن القانون الاخلاقي، وهناك الكثير من الآراء حول الحرية اذا قمت بذكرها لابد من تسطير مجلدات فقط لتعريفات الحرية، ولكننا نجد من خلال هذه التعريفات ان المبدأ واحد، وهو استقلال الانسان وعدم السيطرة على ذاته، ولكننا سنجد مبدأ آخر تعتمد عليه الحرية الا وهو احترام الانسان للقانون، واعتقد ان المقصود باحترام القانون هنا هو احترام المجتمع الذي يحيط بالانسان طالب الحرية والساعي اليها، اي لا يقوم الانسان بتصرفات شاذة عن اعراف المجتمع ويعتقد ان هذه هي الحرية، وهنا نكون قد وصلنا الى تعريف بسيط وعقلاني للحرية الا وهو عدم السيطرة على ذات الانسان مع احترام الانسان لمجتمعه وما يحتويه من عادات وتقاليد واعراف، ولكن السؤال هنا، كيف الطريق الى الحرية؟
سنجد ان هذا السؤال الى الآن هو المحور الرئيسي للمجتمعات والحضارات مع تغير الازمنة والامكنة، وهو قائم الى وقتنا هذا، اذن الحرية هي قضية الانسان الاولى منذ بدء وعيه وهي من طبيعته، لذا نجد ان الانسان يصارع من اجلها متحديا ومناضلا في كل المحاولات الفاعلة لمصيره، وسنجد ان التاريخ حافل بالتناقض في هذا الصراع بين الانسان بفرديته وبين واقعه الاجتماعي محاولا كشف الحقيقة والوصول الى الحرية.
اذن الحرية مصطلح متغير حسب الازمنة والامكنة والتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن المبدأ واحد، وهو حرية الذات كما ذكرنا من قبل، ولكن ما نراه الآن لا يعد حرية، لماذا؟، لان الطريق الى الحرية لابد ان يقوم على الاحترام والالتزام، لا ان يقوم على كسر القوانين والاساءة الى اولي الامر، لماذا نعتقد ان الحرية هي الاساءة والصراخ بشعارات لا يسمعها الا قائلها، عندما نرجع الى تاريخنا سنجد ان طرح القضايا كان يتم في هدوء واقتناع مع احترام لاولي الامر، بل كان يتم فتح باب المناقشة والجدال دون المساس بذاتية الانسان، كما انهم كانوا ينحازون للمجتمع وليس لذواتهم كما نرى الآن، وكانوا اذا ما نادوا بشيء فإنهم يقومون بفعل ما نادوا به وليس فقط وعودا جوفاء كما نرى الآن، لماذا لا نتمسك بتاريخنا وامجادنا، ان من يطالب بالحرية لابد ان يحرر نفسه اولا عن طريق الابتعاد عن المصالح الشخصية، ولابد ان يكون له مبدأ يسعى اليه وهذا المبدأ لا يقتصر فقط على شعارات زائفة لا تلبث ان ينكشف زيفها، الحرية معناها كبير وسام، وسنجد ان دستور الكويت على سبيل المثال قائم ولله الحمد في جميع قوانينه على الحريات وحرية الانسان، فلماذا هذا الصراع؟ نريد قراءة واضحة لدستورنا وسنجد اننا من يقع في الخطأ وليست الدولة، لاننا نملك مساحة واسعة من الحرية ولكن للاسف الشديد لا نقوم باستخدامها، وهذا يرجع الى الصراخ والشعارات وعدم التقيد بالمبدأ، ولكن اذا قمنا بتفعيل لغة الحوار فسنصل الى الحرية.