نرمين الحوطي
الحب مقدمة في حياة الرجل
وتاريخ بأكمله في حياة المرأة
(بلزاك)
ما الحب؟ هل هو شيء محسوس أم ملموس؟
يعد الحب من المشاعر التي لاقت الكثير من الأهمية عند كثير من الكتاب والنقاد سواء في عصرنا الحاضر أو في العصور السابقة، بل نجد ان الحب اخترق عصر الحضارات ايضا، فنجد بلاد الإغريق قد جسدت في حضارتها الى ما يرمز الى الحب والجمال واطلقوا عليه افروديت، ومنه نستنتج ان الحب هو محور الثقافات والحضارات، بل نجد ان الحب كان القاعدة الأساسية للشعر العربي فكان وراء أجمل قصائد الغزل وأحلى الفنون التي كتبت في كل من «قيس وليلى» و«عنترة وعبلة» و«ولادة وابن زيدون»، ومنهم الكثيرون الذين سطعوا في سماء الشعر العربي من خلال الحب.
اذن نجد ان الحب هو عامل مساعد، بل نستطيع ان نجزم بانه عامل اساسي في الكون بل وفي بناء الإنسان، فلولا الحب ما خلق البشر، ولولا الحب لانكسر آلاف البشر، ولولا الحب ما كتب الشعراء أجمل الدرر، ولولا الحب ما كان هناك مبتدأ وخبر، وبالرغم من هذا إلا اننا الى الآن لم نعرف سر الحب، وما الحب؟ وما السبيل اليه؟ وما لغته؟ فنجد الجميع يلهث وراءه للوصول اليه والى ذروته الجميلة، ولكن كيف يحب ويتشبع جسده ودماؤه وروحه بهذا الشعور او هذه العاطفة؟ للأسف الى الآن لم يعط لنا احد طريقة او نظرية للوصول اليه.
ان الحب من وجهة نظري ودون البحث والتطلع والتعمق في دراسات ونظريات علمية، اعتقد انه الإيمان، لأن الحب يرتبط ارتباطا وثيقا بالإيمان، فإذا ملأ الإيمان قلب وعقل الإنسان فسنجده طاقة وشعلة من الحب، وهنا عندما أقول الإيمان أقصد الإيمان بالله وقوته عز وجل في الكون والخلق، وكيف يأتي الإيمان؟ يأتي بالاقتراب من الله من خلال التأمل فيما خلق الله للإنسان من نعم، يأتي من خلال القيام بما انزل الله على رسولنا الكريم من عبادات وعادات واسس لابد وان يتسم بها الإنسان في حياته، ان الانسان عندما يقوم بهذا يجد روحه وجسده وعقله وقد امتلأت بالحب والخير، بل ونجده يسعى دائما في طريق الحب ليس فقط للجنس الآخر بل للمجتمع ككل، ونجده يبتعد عن كل ما هو شر له ولمجتمعه.
ان أي علاقة تقوم على وجه الكون تكون بين فردين، فرد يعطي للآخر ولا ينتظر منه الا الإخلاص والوفاء، فكيف الحال اذا كانت هذه العلاقة بين الله سبحانه وتعالى وعبده، فالله عز وجل اعطى لبني آدم كل شيء من خيرات، بل وفضله على باقي الكائنات الأخرى، فلابد أن يكون المقابل هو الحب والإخلاص له أولا، والحب بين الإنسان وأخيه الإنسان ثانيا، وهنا تتكون معادلة واضحة لنا، وهنا يكمن الحب للفرد وللمجتمع بأكمله، فالحب هو الإيمان والإخلاص لمن تحب.