نرمين الحوطي
عندما نتحدث عن القولون الإعلامي لابد أن نتطرق اولا للقولون العصبي والذي يسمى الآن بمرض العصر، ونسأل هنا ما المقصود بالقولون العصبي؟ وما أسبابه؟ إن القولون العصبي هو حالة مزعجة يتفاعل أو يتعامل معها الجهاز الهضمي عند تعرض الشخص بطريقة غير طبيعية لأنواع محددة من المأكولات او المشروبات، او عند تعرض الشخص لبعض الحالات النفسية فينتج الألم عن هذا التعامل غير الطبيعي للجهاز الهضمي، أما أسبابه فأهمها التدخين أو التعرض لبعض الحالات النفسية التي يكون فيها الشخص قلقا او مكتئبا او حزينا، وهنا يمكننا ان نقول اننا نعايش في هذه الآونة بالفعل مرض القولون الإعلامي، فإذا نظرنا الى الساحة الإعلامية ليس فقط في داخل الكويت بل في العالم بأكمله، نجد ان ما يقدم للجمهور يجعله مصابا مزمنا بالقولون العصبي والإعلامي، فإذا أخذنا على سبيل المثال المسلسلات المقدمة لا نجدها الا جرعات مركزة من المشاكل والأزمات الاجتماعية، واذا انتقلنا الى البرامج نجدها ايضا ما هي الا برامج سياسية ترثي احوال الدول وما وصلت اليه من تفشي الفساد الاجتماعي والاقتصادي، واذا تطرقنا للبرامج الترفيهية لا نجدها الا فكاهة غير مجدية، وهذا يجعل القولون ينفجر، اما اذا قرأنا صحفنا اليومية والدولية فنجدها مقالات واخبارا عن كوارث ومصائب سواء كانت محلية أو دولية تجعل الأعصاب كلها تنفجر وليس فقط القولون، واذا فكر الإنسان ان يغير ويذهب الى السينما او المسرح فسيجد نفس الصورة ايضا، سيجد ان المواد التي تعرض عليه ما هي الا مشاكل اجتماعية او سياسية او رعب وضرب، واذا حاول الدخول الى عنصر الكوميديا فسيجد الرقص والضحك دون هدف والإسقاطات غير المجدية.
من هنا نجد بالفعل ان الإعلام أصيب بالقولون الذي نتج عن تعامل الأجهزة الإعلامية بطريقة غير طبيعية، وهنا يكمن السؤال، كيف نعالج هذا المرض؟ ان القولون العصبي يتم علاجه من خلال الابتعاد عن الاكتئاب بقدر الاستطاعة والابتعاد عن التدخين وممارسة الرياضة بشكل منتظم والابتعاد عن شرب القهوة والاقبال على شرب المياه بكثرة، واذا تطرقنا لعلاج القولون العصبي فسنجد امورا كثيرة نستطيع ان نتبعها لنتخلص منه، ولكن كيف نستطيع معالجة القولون الإعلامي ونضع استراتيجية نتبعها للتقدم والرقي في الإعلام بكل أنواعه؟ لابد ان نرتقي بكتاباتنا وفكرنا لنقدم للجمهور الجديد والمفيد، ولا يقتصر الإعلام على مجرد حشو الكلمات لملء الأوراق وتخدير عقول الناس فقط، ولابد من الاهتمام باللغة المقدمة للجمهور والنهوض بها واختيار الألفاظ المستخدمة وتهذيبها، كذلك لابد من وجود مراقبة ذاتية على ما يكتبه الانسان، والسؤال الذي يجب ان تطرحه على ذاتك عندما تتطرق لفكرة إعلامية، هل هذا فكر إعلامي؟