نرمين الحوطي
في عام 1791 وبالتحديد في فرنسا كان أحد القضاة الفرنسيين جالسا في شرفة منزله يستنشق الهواء، وبالمصادفة شاهد مشاجرة بين شخصين انتهت بقتل أحدهما، وهرب الشخص القاتل، فأسرع أحد الأشخاص الى مكان الجريمة وأخذ القتيل وذهب به الى المستشفى لإسعافه، ولكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة ومات، فاتهمت الشرطة الشخص المنقذ وكان بريئا من هذه التهمة، وللأسف فقد كان القاضي الذي رأى الجريمة هو الذي سيحكم فيها، وحيث ان القانون الفرنسي لا يعترف إلا بالدلائل والقرائن، فقد حكم القاضي على الشخص البريء بالإعدام بالرغم من ان القاضي يعلم انه بريء!
وبمرور الأيام ظل القاضي يؤنب نفسه المعذبة على هذا الخطأ الفادح ولكي يرتاح من عذاب الضمير، اعترف أمام الرأي العام انه أخطأ في هذه القضية وحكم على الشخص البريء بالإعدام، فثار الرأي العام ضده واتهمه بأنه لا امانة عنده ولا ضمير، وذات يوم أثناء النظر في احدى القضايا وكان هذا القاضي هو نفسه رئيس المحكمة فوجد المحامي الذي يقف أمامه ليترافع في القضية يرتدي روبا أسود، فسأله القاضي: لماذا ترتدي هذا الروب الأسود؟ فقال له المحامي: لكي اذكرك بما فعلته من قبل وحكمت ظلما على شخص بريء بالإعدام، ومنذ ذلك الوقت أصبح الروب الأسود هو الزي الرسمي في مهنة المحاماة ومن فرنسا انتقل الى سائر الدول.
وانا هنا أنادي جميع أفراد المجتمع الكويتي بجميع فئاته من موظفين وطلبة ان يكون الزي الموحد لهم هو الأسود، ولا يقتصر فقط على روب المحاماة، وهذا ليكون تذكرة لجميع المسؤولين بما أوقعوه علينا من ظلم، فالإعدام لا يقتصر على قتل الروح، لأن الإعدام له أنواع، وأصعبها إعدام ذات الإنسان وهذا ما يحدث لنا على مدار اليوم في جميع ميادين الحياة العملية والعلمية، أين من ينادون بالدستور وهم لا يعرفون ما معنى الدستور؟ إن دستورنا والحمدلله أتى بقوانين الرحمة والاحترام «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين.. الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة» هذه هي مبادئ دستورنا، بل هذه كانت مبادئنا وأساس المجتمع الكويتي، ولكن ما نشاهده الآن من بعض من يتكلمون من تحت مظلة الدستور وللأسف اننا اعطيناهم ثقتنا وأصواتنا ليكونوا صوتا لنا في حمايتنا، اعدموا هذا الصوت وأصبحوا يصيحون بكلماتهم لمصالحهم، وهنا انادي المجتمع بارتداء الزي «الأسود» لنذكرهم بأنهم في كل ساعة بل في كل دقيقة أصبحوا يقتلون الشعب الكويتي الذي هو بالأساس أعطاهم القوة.