نرمين الحوطي
في الأمس القريب كان العالم يحتفل بالعيد العالمي لحقوق الإنسان، والذي يصادف الخامس من ديسمبر الذي وقف العالم بأجمعه ليوقع على هذا الميثاق في عام 1948، ومنذ ذلك اليوم ومنذ أصبح هذا الميثاق كالدستور الذي تستمد منه القوانين لحماية الإنسان دون التفرقة مابين الجنس واللون.
واليوم وأنا أقضي اجازتي بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم بالخير، قمت بممارسة هوايتي المفضلة وهي القراءة لبعض الكتب التي لا أستطيع قراءتها في أيام العمل لانشغالي الدائم على مدار الأسبوع، فكانت هذه الاجازة فرصة لي لأمارس هوايتي، وقمت بالذهاب إلي مكتبتي الصغيرة وإذ بيدي تقع على كتاب تحتوي سطوره على هذا الميثاق، فقلت: هذه فرصة لأقرأه وأعرف ما يحتويه هذا الميثاق من قوانين، وعندما بدأت بالقراءة ابتسمت، وقد يستغرب البعض لماذا؟ لأنني للأسف الشديد لم أجد أي قانون مما أقرأه يطبق في وقتنا هذا، وما أضحكني أن ما أقرأه ما هو إلا حبر على ورق، قد يقول البعض كيف؟
الإجابة على سبيل المثال لا للحصر مادة 19 والتي تنادي بحرية الرأي والتعبير، تنص على الآتي: لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودون اعتبار للحدود.
ما أجمل هذه العبارات وما أروع فحواها، ولكن السؤال هنا كم من إنسان تم تحويله إلى القضاء والسبب حرية الرأي، ليس فقط في الكويت بل في العالم أجمع، وكم من إنسان قدر على أن يقول رأيه دون التعرض للأذى أو المضايقة، وأترك لكم الإجابة.
كنت أتمنى أن من وضع هذا الميثاق يكون على قيد الحياة لأنه إذا قرأ ما يكتب في صحفنا ويرى ويسمع ما وصلنا إليه من حال، لأصيب بالذبحة الصدرية، قد تستغربون ما أكتبه ولكن هذه هي الحقيقة، فإذا انتقلنا إلى المادة 23 نجد أنها تنص على توفير العمل المناسب والملائم لكل فرد في المجتمع بل له حرية اختيار عمله، ولابد أن تكون شروط عمله عادلة ومرضية له، بل أيضا تحمي الفرد من البطالة، وهذا والحمد لله ما نحن نقوم به، والدليل على ما نقوله هو أننا لا نختار عملنا، فالدولة هي التي تضعنا في وظائفنا ومن ثم يقال إننا لا ننجز، فهل سألتمونا هل نريد هذه الوظيفة؟، يوجد فرق مابين الإجبار والتفضيل، ما أدى بعد ذلك إلى الاستغناء عن المعلمين والسبب لكثرة الحاجة وازدحام العمل ومن ثم الاستغناء أيضا عن الموظفين في القطاعات الخاصة كما لو أننا أصبحنا لعبة شطرنج، ولكن للأسف في يد أناس لا يجيدون اللعب، «موقلت لكم الطاسة مقلوبة»
وأخيرا المادة 26 تنص على توفير التعليم المناسب لكل شخص، ولكل فرد حق التعليم ويجب أن يوفر التعليم مجانا، رحم الله كاتبنا قاهر الظلام الذي نادى بالتعليم وأنه حق لكل فرد وهو طه حسين، قد يتمنى البعض أن يفقد بصره ولكن يصبح قدوة بل بصمة في عالم العلم والتربية مثل الراحل طه الحسين، وفي نهاية كلماتي لا أقدر إلا أن أقف باكية على كل من ضحوا وناضلوا من أجل هذا الميثاق الذي كتب بدمائهم وليس من حبر.