نرمين الحوطي
من قال إن فن الإتيكيت من فنون الغرب، ومن قال إن فنونه وآدابه هي عادات وآداب غربية لا تمت للمجتمع العربي أو الإسلامي بصلة، إن فن الإتيكيت هو فن أساسه الدين الإسلامي، فمن يرجع إلى أسس هذا العلم يجد أن ما أقوله صحيح، وقبل التطرق لصحة ذلك لابد أولا أن نذكر تعريف معنى هذا الفن: فن الإتيكيت يقوم على تهذيب الذوق العام بل سنجده يضع قواعد للسلوك والآداب التي لابد للإنسان من أن يسلكها في حياته اليومية بجانب قواعد التشريفات والآداب والرسميات، كما نجد أن هذا الفن يشمل أصول اللياقة وفنون المجاملة التي لابد أن يتصف بها الإنسان، كما أنه أيضا يشمل التدريب على كيفية التصرف في المواقف المحرجة عندما تحدث للإنسان، وهنا تبدأ مقارنتنا بما أتى في فن الإتيكيت وما حثنا عليه الدين الإسلامي في سلوكنا مع أنفسنا ومع الآخرين.
إن رسولنا الحبيب صلوات الله عليه نادى بكل ما ذكرناه من السطور السابقة، فعلى سبيل المثال الآداب الذوقية نجد أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) كان يحث دائما على إلقاء السلام والتحية في بادئ الحوار أو عند الدخول على مجلس به أشخاص، يقول رسول الله عليه الصلاة: «إذا التقيتم فابدأوا بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام فلا تجيبوه».
هذا بالنسبة للتحية أما إذا تطرقنا للسلوك فنجد أن الإسلام كان يلزم كل مسلم باحترام أخيه واحترام حرمة بيته وغيابه، فقد أمر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أن ندخل ونخرج من البيت بالتلطف وحسن التصرف، فإذا دخلت دارك أو خرجت منها، فلا تدفع بالباب دفعا عنيفا، أو تدعه ينغلق لذاته بشدة وعنف، فإن هذا مناف للطف الإسلام الذي نتشرف بالانتساب إليه، وكما ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) كما نجد أن كثيرا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تعطي لنا القواعد السليمة التي لابد أن نتبعها فيما بيننا كمجتمع إسلامي، فعلي سبيل المثال لا للحصر عندما نهى رسول الله عن الجلوس في الطريق قال: «إياكم والجلوس علي الطرقات، فقالوا: مالنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه، فقالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال ( صلى الله عليه وسلم ) «غض البصر، وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر».
إن من يهتم بفن الإتيكيت سيجد أن ما أتي في ديننا ما هو إلا أسس لما يقرأه في هذا العلم، فلماذا لا نلتزم بتعاليم وواجبات إسلامنا وما أتي به القرآن وسنة رسوله، إذ أردنا أن نتعلم الإتيكيت.
إن الإتيكيت أو الذوق اللذين ينادي بهما أهل الغرب هما خلق إسلامي ونبوي أصيل قبل أن تنادي بهما دول الغرب، بل أصبحنا للأسف نذهب إليهم لنأخذ دورات في جامعاتهم أو في بعض الأحيان نستحضرهم إلينا ليقوموا بتعليمنا فن الإتيكيت، مع أن هذا العلم موجود في القرآن الكريم وفي سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كما ذكرنا من قبل بالأدلة والبراهين، ان فن الإتيكيت هو اتباع هدي الرسول ومعاملة الناس كما جاء في القرآن الكريم، كما أن رسول الله أوصى في خطبة الوداع فقال: تركت فيكم كتاب الله وسنة رسوله ألا قد بلغت اللهم فاشهد.