نرمين الحوطي
في يوم الأحد الماضي عاد أخي بوعبدالعزيز من القاهرة، وفور عودته اتجه الى بيتي الذي هو بيت والدنا رحمه الله، وإذا به يدخل عليّ ليلا مع العلم أنه يعلم أنني أنام مبكرا، وبرغم من هذا فتح باب غرفتي، واذا بي أجد شخصا واقفا على الباب بيده علبة جميلة معها عروسة جميلة وبصوت خافت يقول: كل سنة وأنت طيبة يا أميرتي.
وعند سماعي لصوته قمت بفتح الإضاءة وجلست على الفراش متحدثة له وأنا ضاحكة وبصوت دافئ: الله لا يحرمني منك، ما تنسى شيء، كل عام وأنت بخير.
ويقوم بوعبدالعزيز بالجلوس جواري قائلا: ليش نايمة مبچر مو إجازة بكرة؟
فقلت ضاحكة: انت ناسي ان الإجازة لما تكون في منتصف الأسبوع ترحّل، يعني المولد النبوي العالم كله يحتفل فيه يوم الاثنين واحنا طال عمرك بنحتفل فيه يوم الخميس، المهم اشلون سفرتك واشلون حالك؟
بو عبدالعزيز: الحمد لله كل شي تمام، وانت شخبارچ وشخبار الديرة والصحافة اشلونها معاچ.
لم أملك سوى الضحك بسخرية وقلت له: الديرة مثل ما اهي كل يوم استجواب ومو عارفين لوين بنوصل، ويا ريت الاستجوابات على شي يفيد الشعب بس الصراخ وتصريحات، بس الجديد مالنا طال عمرك التحرش الجنسي والاغتصاب في المدارس والجامعات.
يشعل بوعبدالعزيز سيجارته غاضبا: انت شنو اتقولين؟ شنو اغتصاب؟ وشنو تحرش جنسي؟ وين الأمن الجامعي؟ وين المشرفين اللي في المدرسة؟ أهم مو صرحوا في الجرائد بوضع كاميرات عشان هذي السوالف، وين أعضاء مجلس الأمة؟
ضاحكة وأنا أحضر لأخي طفاية للسجائر وأقوم أيضا بحمل حلويات المولد النبوي التي أحضرها لي من مصر واذا بي أجد كتاب الدستور الكويتي بجانب طفاية السجائر فأحضرته وجلست بجانبه وقلت له: حظك يكسر الصخر هذا هو الدستور الذي ينادي به بعض أعضاء مجلس الأمة هذه الفترة، تخيل اذا بس طبقوا ونادوا بمادة 10 تحمي عيالنا من كل المهازل اللي قاعدة تصير في مدارسهم وجامعاتهم، شنو تقول طال عمرك هذه المادة: «ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه من الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، قبل ما تقول أي شي الدولة ما عليها قصور بس للأسف المسؤولون لاهون بشغلات تخص مصالحهم وتاركين النشء، بتقولي اشلون، أقولك مثلا اذا تكلمنا عن الإهمال الأدبي تخيل يايبين مدرسين لغة عربية من تونس وعيالنا مو فاهمين شيء، لا والأغرب ان فيه نقص في مدرسين الأحياء امخلين المدرسات تخصص لغة عربية يدرّسون المادة، واذا تكلمنا على الجسماني الحمد لله امحافظين عليها من خلال التحرش والاغتصاب، لا والأجمل تصريحاتهم الرسمية اللي تقول هذا مو شغلنا شغل «الداخلية»، أما الجانب الروحي فالحمد لله أبشرك بجيل لا قومية وطنية ولا فكر، جيل ممسوح بكل المعاني، وتقول مجلس الأمة وتطبيق دستور، يا سيدي خليها على الله. يصمت قليلا بوعبدالعزيز ثم يفاجئني بضحكة تحتويها مرارة الدنيا ويقول: تعرفين شنو مشكلتنا للأسف، اننا لما نصل للكرسي نتباهى بنسبنا وبكراسينا وننسى العمل والنهوض بمجتمعنا وديرتنا، ما نفكر اشلون نترك بصمة تنحسب لينا مع الزمن، تعرفين اذا كل واحد يمعن في هذه المقولة العالم كله بيكون بخير «أي بني انك مسؤول يوم القيامة عما اكتسبت ولست بمسؤول لمن انتسبت».