نرمين الحوطي
بحثت عن كلمات لأكتبها لك فوجدت الكثير فاحترت فيما أختار لك في يوم عيدك يا أمي فقلت: لماذا لا أكتب اليوم لهم وليس لك؟ فأنت تعلمين حبي لك، فلماذا لا أعلمهم كيف يحبون هم أيضا أمهاتهم؟ وهنا تذكرت قصة قرأتها وأنا صغيرة علمتني كيف أعشق وأحب والدتي، القصة يا سادة يا كرام عن رجل مسن لوحظ عليه شدة البكاء وهو في المحكمة فشد انتباه الجميع الذين سألوا عن سبب بكائه الشديد، هل هو عقوق أبنائه؟ أم خسارته في قضية أرض متنازع عليها ؟ أم أن زوجته رفعت عليه قضية خلع؟ أم لماذا يبكي هذا الرجل؟!
في الواقع يا سادة يا كرام الموضوع ليس هذا ولا ذاك، أصل الحكاية هي أن هذا الرجل المسن خسر قضيته أمام أخيه لرعاية أمه العجوز التي لا تملك سوى خاتم من نحاس، فقد كانت هذه الأم العجوز في بادئ الأمر في رعاية هذا الرجل المسن الذي كان يعيش حياته وحيدا وعندما تقدم به العمر جاء أخوه الصغير ليأخذ والدته لتعيش معه ومع أسرته، لكن الرجل المسن رفض محتجا بذلك بأنه يستطيع إلى الآن رعايتها، ولكن الأخ رفض وصمم على أخذ والدته إلى أن وصل النزاع بينهما إلى المحكمة ليحكم القاضي بينهما، واستمرت النزاعات بينهما في المحاكم، وكل منهما يصارع من أجل بقاء الأم عنده ليرعاها، فاحتار القاضي بينهما، ولكي يحل القضية أمر بحضور العجوز لسؤالها، فأحضرها الأخوان يتناوبان حملها على كرسي لأنها كانت ضئيلة جدا، وبسؤالها عمن تفضل العيش معه، قالت وهي مدركة لما تقول: هذا عيني مشيرة إلى الرجل المسن وهذا عيني الأخرى مشيرة إلى أخيه، وعندها اضطر القاضي لأن يحكم بما يراه مناسبا، وكان حكم القاضي أن تعيش الأم مع أسرة الأخ الأصغر فهي الأقدر على رعايتها، وهذا ما أبكى الرجل المسن، فهي دموع الحسرة على عدم قدرته على رعاية والدته بعد أن أصبح شيخا مسنا، ومنها تعجبت من حظ هذه الأم بهذا التنافس، وكان سؤالي لنفسي وأنا صغيرة كيف ربت هذه الأم ولديها ليصلا لهذه المرحلة من التنافس في حب والدتهما؟ ولكن عندما كبرت عرفت كيف تربي الأم أولادها ليتنافسوا على إرضائها وهذا ما تعلمته من أمي.
فلكم اليوم أكتب وليس لها، ليكن تنافسكم هو إرضاءها في كل يوم وليس فقط في عيد الأم 21/3، وفي ختام مقالي لا أقدر أن أنساك حتى إذا كتبت لهم، إلى أمي.. إلى الأخت، إلى الحبيبة، الى عالمي الذي لا أستطيع نسيانه.. أهدي لك حبي في عيدك وأنت تعلمين كيف أحبك وكيف أشتاق لك على الدوام في حاضرك وغائبك.