تلك هي كلماتنا عندما نتكلم عن تاريخنا، فكلما نسأل عن أثر أو معلومة تاريخية تجد من يقوم على إجابتك يبدأ حديثه بـ «كان يا ما كان» كما لو أننا نحكي عن أساطير ليس لها وثائق مؤكدة للحدث.
عندما كنت في المغرب وبالتحديد لمنطقة «فاس» تلك المنطقة الموثقة في تاريخ الفرنجة بأنها عاصمة الثقافة العربية في العهود الماضية أما نحن العرب فلا نملك عنها شيئا إلا «كان يا ماكان»، فكلما رأيت أثراً أقوم بالسؤال لأهلها: ما تاريخها؟ البعض يقول سمعنا والآخر يجاوب من الممكن ومن بين هذا وذاك لا نمتلك غير التأمل في تاريخ الذي لا نعلم ما هويته ومن قام به، فقط لإمتاع أبصارنا بتاريخ وفنون وثقافات قليلة لنا بأن من قام بها هم أجدادنا ولكن ما هي وثيقتنا لا نمتلك للأسف غير «كان يا ما كان». تلك القضية لا تختص فقط في منطقة «فاس» بل هي تعم وطننا العربي وإذا قمنا بعمل حصر لما نمتلك من آثار دون تاريخ لها سوف نجد أننا نمتلك مجلدات تحمل بين طياتها كم من الآثار والثقافات التي لا يربطها مع التاريخ إلا قصص غير موثقة ومن هنا نسأل: إلى متى يعيش الموطن العربي دون وثيقة تاريخية له؟
ننفق الكثير من الأموال لمشاريع استثمارية سواء خارجية أو داخلية ويبقى التاريخ طفلا يتيما لا يجد من يتبناه ليحافظ على حضارته ليبقى الاستثمار الدائم لأجيال المستقبل، يبقى طفلنا يتيما إلا أن تأتي أياد خارجية لتقوم باحتوائه وتوثيقه ولكن ليس لنا بل لهم، أما السخرية الكبرى التي تقوم بها دولنا العربية عندما تقوم بدفع الأموال وضخها للدول الأجنبية لتحتوي تاريخنا وتقوم بتوثيقه لها وليس لنا، مع العلم بأننا نملك الكثير من أبنائنا المتميزين القادرين على احتواء ذلك الطفل اليتيم ذي الأصول العربية وتوثيق حضارته وبالرغم من هذا تأتي أوطاننا بأياد ليس لها صلة بثقافتنا لتوثق لنا تاريخنا وما هي الأسباب؟ لعبة تسمى السياسة.
وما النتائج؟ يسرق تاريخنا ويبقى لنا «كان يا مكان».
مسك الختام: قال أبو البقاء الرندي:
وأين قرطبة دار العلوم فكم
وأين حمص وما تحويه من نزه؟
[email protected]