للسفر سبع فوائد، قد تزيد أو تنقص، إلا أن هناك فائدة واحدة ثابتة لا تتغير، وهي الحكايات والقصص التي يسمعها المسافر من أهل المدينة المسافر إليها، قد تكون قصصا وهمية، وقد يغلب على الحكايات نوع من الخرافة، ولكن ما يبقى في أذهاننا الذكرى الجميلة من تلك الحكايات، عندما كنت في المغرب، ونخص منطقة «فاس»، سمعت الكثير من القصص والحكايات، قد يصدقها العقل، والبعض منها لا نقدر على استيعاب خرافاتها، ومن بعض تلك الحكايات:
يحكي إليّ أحد سكان المنطقة أن الحاكم ادريس الأكبر من جبروته على شعبه كان يقوم بتنفيذ العقاب على شعبه من خلال ردمهم وهم أحياء، وهنا استغرب لبشاعة العقاب، وإذا بالرجل المسن يقوم بالتأكيد على ذلك بأن الحاكم ادريس الأكبر في ذات يوم قام بجمع عدد هائل من الشعب وبنى عليهم سورا، وهم أحياء، وإذا لم أصدقه فعليّ الذهاب ورؤية هؤلاء الأفراد من خلال السور المتواجد حول قصره في مكناس، وفي اليوم التالي قمت بالفعل، واتجهت إلى مكناس لأرى تلك الواقعة التي لم يصدقها عقلي من حيث الكلام، ومن منطق العلم، وبالفعل ذهبت إلى ذلك القصر القديم الذي شيد منذ آلاف الأعوام، وقمت بالبحث عن ذلك السور، وبسؤالي لأهل المنطقة أين ذلك السور الذي يحمل جثث البشر؟ فقام أحد سكان المنطقة بإجابتي بأن تلك خرافات بنيت على ما كتب ادريس الأكبر بقوته وجبروته وأخذ بي ذلك الرجل ودخلت القصر لأشاهد ما كتب على الحوائط من وثائق تاريخية تحمل بين سطورها قوة وحكمة ذلك الرجل في الحروب أما ما ذكر إليّ من قصص عليه فليس له أساس من الصحة.
حكاية أخرى من سيدة تسكن في فاس القديمة، تلك المنطقة التي يفوح من أزقتها عبق الماضي الجميل، وأثناء وقوفي أمام مبني قديم كتب عليه «مارستان سيدي فرج»، وإذا بي أقوم بسؤال امرأة عجوز، تجلس بجانب هذا البيت القديم: من سيدي فرج؟ وإذا بها تقص لي قصة المبنى الذي شيد من أجل معالجة المرضى النفسيين، ولكن عن طريق الموسيقى، وليس عن طريق الطب، وهنا، ومن خلال ما شاهدته من فنون على البيوت، وتدرج الشوارع بطريقة هندسية، تأكد لي أنه فعلا عندما أطلق على فاس في الماضي بأنها عاصمة الثقافة العربية ،كانت بالفعل تستحق ذلك، لما تحتويه بين أزقتها وبيوتها وعلومها من حب الفن واستخدام الثقافة والابتكار، من خلال الفنون لتطوير العلوم الأخرى من أجل الإنسان.
مسك الختام: يا فاس هافني حبك
أقول..
من هنا مروا...
من هنا سلكوا...
في ساحة البطحاء حطوا رحالهم
وفي مسجد القرويين لبوا ربهم وفي دنيا العلم أفنوا عمرهم
من أشعار أحمد لهبيل
[email protected]