تلك الثورة المجيدة التي كان في السابق يحتفل بها الكثير من المجتمعات التي تعاني إلى الآن من الطبقية والتمييز بين الأجناس، تلك الثورة التي انطلقت شرارتها من أرض الكنانة في عام 1952م عندما قام الضباط الأحرار برفض العبودية والثورة على كل من يتعامل معهم بمنطق الأسياد والتعامل مع الآخرين على أنهم عبيد، هذا هو يوم الـ 23 من يوليو ثورة الحرية التي قامت على أيادي الضباط الأحرار بانقلابهم العسكري ضد الحكم الملكي واستبداله بحكم الشعب، تلك الثورة التي كانت شرارة أضاءت في سماء الكثير من المجتمعات والبلدان العربية لتسير بعد ذلك على خطى ونهج أرض الكنانة.
23 يوليو ذلك التاريخ الذي كان في السابق يعد شعلة الحرية للكثير من المجتمعات العربية، بل كان حلم الكثير بأن ينالوا حرياتهم مثلما نالته مصر وشعبها، ذلك اليوم الذي كان في السابق تدرس أسسه في المناهج التعليمية ويستمد منها بعض السياسيين حيثيات الثورة، واليوم تبقى لنا سؤال يطرح نفسه:
ماذا سنكتب نحن في التاريخ بعد ثورة 23 يوليو؟
القضية ليست معضلة لنقوم بالتفكيك والتحليل لكلمات سؤالنا، فالسؤال ما يحتويه من معان كثيرة مختصرة في كلمات بسيطة وعلى الرغم من هذا إلا أننا نجد كلماتنا ما تحتويه بين حروفها من تاريخ شعوب وأمم ضحت من أجل الحرية ومن أجل كرامة الشعوب العربية، وهنا تجف الأحبار وتعجز الأقلام عن الكتابة، فما الأحداث والثورات التي يمكننا أن نستكمل بها تاريخ أجدادنا من بعد فجر 23 يوليو؟!
إن الضباط الأحرار عندما أقاموا ثورتهم كانوا يؤمنون بقضية شعب، من أجل تلك الأمة قاموا بثوراتهم على أسس وأهداف لنيل كرامة مجتمعهم، تلك القضية كانت رمزا ومنارة تستحق أن تسجل في التاريخ، تلك هي الصفحات التي دونت في تاريخنا المجيد وهي تصف رجال مصر في ذلك الوقت الذي كان يملأه الفساد والتفرقة والتحيز للمصالح الشخصية وكبت وظلم المقهورين من الطبقات الكادحة إلى أن سجل التاريخ ثورة 23 يوليو والذي كتب بصوت الشعب الذي ثار مناديا بالمساواة سعيا منه الى تحقيق العدالة الاجتماعية إلى حد ما، وأصبحت الأغلبية من الدول المجاورة لأرض الكنانة تقوم بما قام به الشعب المصري إلى أن سقط الكثير من الأنظمة السياسية، ومن هنا توقف التاريخ عن الرصد لأن بعض من أتى بعد ثورة 23 يوليو لم يقرأ التاريخ واستحضر الأنظمة الملكية مرة أخرى وقام بتطبيقها في سيادة دولته، وأصبحت مجتمعاتنا العربية يملأها الكثير من الثورات الفردية التي تقام من أجل الرفض، وبين ثورة وأخرى فقدت القضية العربية وأصبح التاريخ يعجز عن الرصد بعد 23 يوليو!
مسك الختام: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!» (عمر بن الخطاب).
[email protected]