تلك هي الحصيلة التي نتجت من إهدار ملايين من قطرات المياه للحصول على مليون دولار، بدأت القصة عندما قام أحد المسؤولين بالتحدي وإلقاء ماء مثلج على رأسه من أجل توصيل رسالة إعلامية للعالم وهي التبرع لمرضى بمرض معين، بعيدا عن القصة وعن فحواها الإنساني الذي قامت عليه، وبعيدا عن المهزلة التي نتجت عن تلك اللعبة التي كانت نتيجتها إهدار كم هائل من الماء الذي يعاني العالم من نقصان به، يبقى السؤال: ألم يوجد طريقة أفضل للتبرع دون هدر الماء؟
مع بداية الأسبوع قرأت خبرا في إحدى الصحف عن تجمهر الصينيين ورفضهم لما قام به البعض من هدر الماء الذي اصبح العالم يواجه مشكلة في شحه والبحث عن وسائل بديلة لإرجاع المخزون المائي للكرة الأرضية، ويأتي مسؤول يفتح خراطيم الماء لإهداره من أجل مليون دولار، ألم يوجد طريقة افضل للتبرع بدلا من تلك المهزلة العالمية التي لم تؤد إلى جمع ما يكفي لعلاج المرضى؟ ألم يفكر ذلك المسؤول ومن تبعوه في هذا التصرف الصبياني بطريقة عملية وإعلامية مهذبة ليجعل من قضيته مصدرا من خلاله يحصد المال الوفير لذلك المرض؟
القضية للأسف لم تكن وليدة إلقاء الماء على الرأس، القضية ولدت وتشعبت منذ أن أصبحت عملية التبرع يديرها البعض ممن لا يفقهون معنى التبرع، تلك الأغلبية يتاجرون بمصائب الآخرين من أجل البهرجة الإعلامية، في الماضي وأقصد أزمنة نزول الكتب السماوية على الرسل سلام الله عليهم نجد أن جميع الأديان والأنبياء كان ضمن رسالتهم للبشر الحث على الصدقة والزكاة، ولم نقرأ في قصصهم أنهم أهدروا خيرات ونعما أنعم الله بها علينا من أجل تثبيت فرض وجب على البشر في جميع الأديان.
رسالتنا اليوم لمن يدعون أنهم رسل للحفاظ على الإنسانية وحمايتها أن يدرسوا فن الإعلام وأن يبتعدوا عن فن الإعلان والفرق بينهما كبير، ولن نخوض في تعريفات وجب على من يدعون الإنسانية والحفاظ على البيئة معرفتها، بل يجب عليهم دراسة رسالتهم وكيفية توصيلها دون المساس بموارد يعاني البشر من نقصها، فليس من المعقول أن تنقذ أناسا مقابل العمل على عجز يعاني الكثير منه وهو هدر الماء والكثير متعطش لتلك القطرات التي اهدرت من أجل مليون دولار.
مسك الختام: قال الله تعالى في محكم التنزيل (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) سورة الإسراء 26-27.
[email protected]