د. نرمين الحوطي
حياة الإنسان ما هي إلا حياة قصيرة سواء طالت أو قصرت أيام العمر، قد يستغرب البعض من هذه النظرة التشاؤمية لكنها ليست تشاؤمية بل هي نظرة دنيوية بحتة، فعندما ننظر لحياتنا اليومية ونتذكر ما مضى منها وما نفكر فيه للمستقبل سنجد أننا تناسينا عنصرا مهما جدا وهو السعادة.
نعم السعادة لأنها تعني الفرح والحب، وهذا لا يأتي إلا من كلمة واحدة وهي الإيمان، قد يسعى البعض إلى الوصول للكسب المادي أو الشهرة أو المركز أو السلطة دون التفكير في طريقة الوصول، وقد تتسبب طرقهم هذه في هدم غيرهم حتى وإن كانوا من أقرب الأشخاص إليهم، ولكن السؤال هنا لمن يسعون إلى هذا: هل تذكرتم الله في يوم ما فيما تفعلون لتحقيق هذه الشهوات؟
وأذكر لكم قصة كانت تقصها علي والدتي رحمها الله قبل النوم، وسألخص القصة لكم في سطور قليلة لعلها تكون عظة لبعض من يفكرون فقط في العلو أما الإيمان والحب واحترام حقوق الآخرين، فللأسف تناسوها في حياتهم.
تقول القصة: في يوم من الأيام كان هناك رجل مسافر في رحلة مع زوجته وأولاده وفي طريقهم قابلوا شخصا واقفا في الطريق، فسأله الأب: من أنت؟ فأجابه: أنا المال. فسأل الأب زوجته وأولاده: هل ندعه يركب معنا؟ فقالوا جميعا: نعم بالطبع، فبالمال يمكننا أن نفعل كل شيء ونمتلك أي شيء نريده. فركب معهم المال وسارت السيارة حتى قابلوا شخصا آخر فسأله الأب: من أنت؟ فقال: أنا السلطة والمنصب. فسأل الأب أسرته: هل ندعه يركب معنا؟ فأجابوا جميعا: نعم بالطبع، فبالسلطة والمنصب نستطيع أن نفعل أي شيء ونمتلك أي شيء نريده. فركب معهم السلطة والمنصب. ولكيلا أطيل عليكم حديثي، تذكر القصة أن الأسرة قابلت في رحلتها كثيرا من شهوات وملذات ومتع الدنيا وكلهم ركبوا مع الأسرة، طبعا لأنهم سيستفيدون منهم وسينالون كل ما يريدونه من الدنيا إلى أن قابلوا شخصا فسأله الأب: من أنت؟ قال: أنا الدين. فسأل الأب أسرته: هل ندعه يركب معنا؟ فأجابوه: ليس هذا وقته، نحن نريد الآن متع الدنيا والإيمان سيتعبنا بالالتزام وتعليماته ولكن يمكن أن نرجع له بعدما نستمتع بملذات الدنيا، فتركوه وتابعوا رحلتهم، وإذا بنقطة تفتيش توقف الرحلة ويقوم رجل منها باستدعاء الأب ثم سأله بعد تفتيش السيارة: أنا أفتش عن الدين هل هو معك؟ فيجاوبه الأب: أنا تركته على بعد مسافة قليلة من هنا دعني أرجع وآتي به. فيرد عليه الرجل: إنك لا تستطيع فعل ذلك لأن رحلتك انتهت. وأثناء حديث الرجل والأب تقوم الأم بقيادة السيارة تاركة الزوج مع الرجل، وهنا يستغرب الأب لهذا وعلى الفور يسأل رجل التفتيش: من أنت؟ فيجاوبه: أنا الموت.