هذا العنوان هو ما ختمت به نهاية أسبوعي الماضي، عندما لبيت دعوة الأستاذة فارعة السقاف، لحضور مسرحية «من هوى الأندلس»، ساعة ونصف الساعة، ونسمات قرطبة تهفف علينا، وتثلج صدورنا، وتمتع أعيننا، وتطرب مسامعنا بما شاهدناه وسمعناه «من هوى الأندلس».
كلماتنا اليوم تعجز عن أن تخص كل عنصر على حدة، كما تعجز عن الثناء على كل شخص مسؤول، عمل على النهوض بذلك العرض ليعطي له الكمال والتميز عن باقي الأعمال المسرحية والأكاديمية الأخرى، سطورنا اليوم سوف تشمل العرض بجميع عناصره وشخوصه بعيدا عن الترتيب المسرحي، فمنذ الوهلة الأولى عند الدخول ترى جميع من يستقبلونك بترحاب، بعيدا عن التمييز بين المتفرجين، هم شباب، وذلك يعطي الأمل لما سوف يشاهد من عرض مسرحي، تنطفئ الأضواء، ويبدأ العرض على خشبة المسرح، وإذا بي ألاحظ مع بداية العرض نافذة صغيرة، وضعت على شاشة المسرح، وبالرغم من صغرها إلا ان ما يكتب عليها من ترجمة فورية باللغة الانجليزية للعرض واضح للقراءة وهنا شعرت بالتقدم الثقافي الذي أبحث عنه في أروقة المسارح الأكاديمية والمسارح الوطنية الأخرى، وهو تشجيع الجنسيات الأخرى من خلال تلك الترجمة وتواجدها لتمكين الجنسيات الأخرى من الحضور والفرجة، بدأ العرض، وبدأت الأحداث تتفاعل في دائرة جميع جوانبها جدران مكتبة، محملة أرففها بالكثير من الكتب، ذلك هو الديكور الذي أراد من خلاله المخرج ومهندس الديكور إرسال رسالة مباشرة للجمهور بأن ما نشاهده ما هو إلا صورة متكررة من تاريخ الأمة العربية، وما نشاهده من أحداث ما هو إلا صورة مصغرة ومتكررة من تاريخ أمتنا الإسلامية، وهذا تأكد لنا من بعض الحوارات المؤداة بين الممثلين، وأخص مشهد الإرهابيين، الذين يدعون أنهم دعاة الإسلام، عندما يدخلون على الحاكم رافضين لبعض الأشياء في سياسة الحكم، ويفرضون على الحاكم آراءهم، ولكن الحاكم يرفض، ذلك هو التاريخ، وهذا هو واقعنا.
إن العرض شمل الكثير من الرسائل التي تحاكي واقعنا من خلال ماضينا، وتلك هي اللعبة الدرامية، وحسن الاختيار من المؤلف بأن يوظف التاريخ للواقع، فالنص ليس بأيدينا، ولكن من قاموا بتوظيف كلمات المؤلف أجادوا في توصيل فكر المؤلف من خلال الرقصات والموسيقي التي تنوعت في إيقاعاتها، وأثرتنا بمعاني كلماتها، وإذا قمنا بالتحليل للديكور الذي تنوعت خطواته والأزياء وتعدد الحقبات الكثيرة من تاريخ الأمة العربية، ولكن كان ذلك التنوع والتعدد في سياق وتناسب للموضوع والأحداث ليعطي للجمهور الكثير من الدلالات على الأزمنة التي مر عليها التاريخ الإسلامي، ولا ننسى كيفية توظيف قضية الخلاف على الحكم، والصراع الدائم على السلطة، من خلال لعبة الشطرنج، وكيفية توظيفها في أحداث المسرحية، عندما قام الصراع بين الحاجب والقائد الأعلى للجيش، وكل منهما لديه أعوان، وإذا بكل منهم يأخذ موقع وصفة الدور له في لعبة الشطرنج وكيفية أداء الحركة مع الحوار من خلال تلك اللعبة.
مسك الختام: ختام مقالتنا التي نبعث من خلالها رسالة إلى وزير الإعلام وهو الرئيس الأعلى للثقافة في الكويت بأن يدعم ذلك العرض الذي يعد صورة مشرفة وحضارية للكويت ليمثلها في المحافل الخارجية ونتمنى من بوصباح أن يعاد العرض مرة أخرى، وأن يحظى بالتسليط الإعلامي والحضور الثقافي من أهل الثقافة والإعلام لأنه بالفعل عمل أكاديمي ومسرحي من الدرجة الأولى وأخيرا نتمنى من القائمين على الثقافة الكويتية أن يستفيدوا من أ.فارعة السقاف إذا أرادوا بالفعل النهوض بالمسرح الكويتي.
كل الشكر للاستاذة فارعة السقاف بأنك إلى الآن تحافظين وتثرين ما ورثتيه عن والدك، أستاذنا أحمد السقاف رحمه لله.
[email protected]