نرمين الحوطي
في لحظات سكون إحدى الليالي، ومع دقائق الصمت التي أتمتع بها كل ليلة بمفردي وجدت ظرفا مكتوبا عليه «خاص» بالخط العريض وموضوعا فوق أوراقي الخاصة، قمت بفتحه لقراءته ومعرفة ما به، وإذ بي أجد بداية صفحاته هذه الكلمات: «تقرير ديوان المحاسبة لعام 2008».
فقمت بالتصفح والتفحص لهذه الأوراق وكلما قرأت ورقة وانتهيت منها كنت أردد هذه الكلمات: لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ما هذا الذي أقرأه هل هذا حلم أم علم؟ ووجدت نفسي في علم بل للأسف هي حقيقة من خلال هذه المستندات والأوراق التي بين يدي، فكل ورقة كنت أنتهي من قراءتها تختم بالكلمات الآتية ديوان المحاسبة أي الورق رسمي وحقيقي، ولكن السؤال هنا: أين الرقابة على هذه التجاوزات والمخالفات والتلاعب والغش الإداري؟
بالأمس القريب كانت لجنة الظواهر السلبية تناقش قضية جزيرة «كبر» وما يحدث فيها، ولا أعلم ما يحدث بها ولا أريد أن أعلم، أجدادنا قالوها: «اللهم اجعلني من هذا جهاله»، ولكن السؤال ما ورد في التقرير السنوي لديوان المحاسبة من إشارة إلى وجود مخالفات مادية جسيمة، ألا يعد هذا من الظواهر السلبية ولابد من البحث والمناقشة من خلال السلطة التشريعية والتنفيذية، أم ان البعض يفضلون الصمت خوفا من أن يقلل الحديث والاعتراف والنقاش من مقامهم؟! من الممكن أن يكون الصمت في بعض الأحيان حكمة وكثرة المجادلة تكون مصدر إفلاس للموضوع، ولكن قضيتنا اليوم من يسكت عنها يكون شيطانا أخرس، عفوا لهذا الوصف ولكنها الحقيقة المرة وهي اغتصاب حقوق الدولة وحقوق الأجيال القادمة، أليس هذا أولى بأن يناقش في الظواهر السلبية لوضع حدود لهذه التجاوزات الوزارية من بعض الأشخاص الذين للأسف ضمائرهم ماتت منذ أن نسوا حق الوطن عليهم وكيفية الحفاظ على بلادهم.
رسالة إلى كل من يقرأ مقالتي: ان الأمل موجود في نفوسنا لكن هذه التجاوزات والمخالفات تئن بلا أنين في قلوبنا، تصرخ حرقة بلا آهات وتقول لنا أين أنتم يا أهل الكويت؟ لماذا أصبح الصمت ينطبع على وجوهنا؟ أين كلمتنا التي كنا نتحدى بها أي مجهول؟ مهمات رسمية بدون حدود من غير حسيب ولا رقيب، وشهادات مزورة ومسميات «بالدش والدس» والاسم بتوقيع مسؤول، صفقات وهمية وغير وهمية وشروط جزاء تندفع والسبب لعدم توافق الشروط، أموال أجيالنا تصرف أمام أعين «الظواهر السلبية» وعلى الشفافية والتنمية مليون سلام، لعبة نلعبها فيها حسيب والرقيب أيضا موجود بس العقاب للأسف غير موجود، تقارير تنطوي وتنشر وتعرض بس السؤال هنا هل توجد ردود؟ ما أعتقد جان ما صارت هذي الكويت.