د. نرمين يوسف الحوطي
»أربعة أشياء في حياتك لا تفعلها: فقد الثقة ونكث الوعد وتحطيم العلاقات وكسر القلب، لأنها لا تحدث صوتا ولكنها تحدث الكثير من الألم».
اينشتاين
كيف تصبح غائبا عن المجتمع وحاضرا في نفس الوقت؟ عندما كنت أتصفح كتابا لبعض علماء ومشاهير العالم لفتت انتباهي تلك الجملة، والتي بدأت بها مقالي، وقد استوقفتني لحظات للتفكير في معانيها فوجدت أنها ليست فقط مقولة منسوبة لعالم جليل من أشهر علماء العالم، بل هي حكمة يستطيع الإنسان أن يقتضي بها ليجعل له أثر في مجتمعه وناسه إذا قام بتطبيقها في حياته.
كثير من البشر الذين نصادفهم في حياتنا اليومية، بل من الممكن أن نعاشرهم فترات طويلة للأسف لايتركون إلا الجروح التي نتذكرها لهم عندما يتركوننا، وهذه النوعية من البشر يحاول الإنسان نسيانهم، وهذا لا يقتصر فقط علي الحياة الاجتماعية بل أيضا على صعيد العمل أيضا، وما يبرهن على حديثي هذا ما نعيش فيه من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية، قد يستغرب البعض ما الرابط بين كل مما ذكرته؟
لنقم بتحليل بسيط جدا لبعض المساءلات البرلمانية والاستجوابات المطروحة في الساحة دون تحديد الأسماء والأمكنة لعدم الإحراج، سنجد أن القانون، للأسف، يحدد أن السؤال البرلماني يجب أن يطرح فقط للوزير مع أن الخلل قد لا يكون هو المتسبب فيه، بل سببه المسؤولون الذين تحت قيادته، وهذه هي مشكلتنا، لأنه بعد التساؤلات والردود قد يتم تغيير الوزير ولكن مصدر الفساد يبقى كما هو، فماذا فعلتم؟ لا شيء لأن المشكلة مازالت باقية، وهذا ما ألقي الضوء عليه، بمعنى إذا شعر ذلك المسؤول ولو بعض الشيء بما قاله اينشتاين وقام بتطبيقه فلن يقوم بالتجريح ولن يفكر بعدم الثقة ولا ما ذكرناه في البدء، عليه فقط أن يتذكر شيئا واحدا وهو كيف يكون على الدوم غائبا في نفس الوقت حاضرا
إن هذه العملية ليست صعبة لأنها تأتي من خلال تغيير الذات، بمعنى أوضح تغيير الواقع المعيش، فعندما تغير واقعك وأقصد الفساد الإداري ستترك بصمة وحتى إذا رحلت سيتذكرك من يأتي بعدك، ولكن إذا وافقت على واقعك ولم تغير فيه شيئا فإنك، عفوا، لن تكون موجودا أبد الدهر.
لنضرب مثلا على ذلك وكما قلت من قبل لن أذكر أسماء، بأحد النواب والذي تعجبني شخصيته، لأنه برغم صغر سنه إلا أنه غير واقعه، هو عاشق الرياضة وأخص كرة القدم «وللعلم لم أصوت له»، هذه الشخصية رفضت واقعها وعندما جلس على الكرسي البرلماني لم يدخل في صراعات الأسئلة البرلمانية، بل نجد أنه قام بتغيير واقع فريقه الرياضي إلى أن وصل به إلى الفوز، ومنه أصبح فريقه الرياضي يذكر على الدوام باسمه، بل وأصبح عندما تذكر الرياضة يذكر اسمه دون أن يستخدم شعارات وأسئلة برلمانية لا يفهمها أحد، كما أنه واجه مشكلة الرياضة بقوة وعرف كيف يغير واقعها وأحيانا كان من جيبه الخاص، وهذا هو الغائب الحاضر، وكل لبيب يفهم بالإشارة.