بالأمس البعيد كان الكثير يؤكد أنه في المستقبل سوف تندثر اللغة العربية، وها نحن اليوم أصبحت الأغلبية تفتقدها، وإذا تذكر منها بعض الشيء فإنه يستخدمها بوضع لغوي ومعنوي خاطئ.
قبل أن نبدأ قصتنا وجب علينا أن نذكر ما معنى «شطح» في المعجم، فهي تعني التباعد والاسترسال، ومن هنا تبدأ الحكاية.. لي صديقة قصت لي موقفا حدث بينها وبين زوجها... تقول الزوجة:
في يوم ما بعثت لزوجي رسالة عبر «الواتساب» بأنني مشتاقة للخروج والحديث معه كما كنا في أيام الخطوبة وانتظرت الرد منه فلم أجد رسالة فالتمست له العذر وقلت من المحتمل أنه مشغول فقمت بإرسال رسالة أخرى بالاعتذار وأن ما أرسلته ما هي إلا مشاعر أفتقدها وإذا برسالة منه تقول: كل منا له شطحات.
انتهت القصة وانتهى الحديث ولكن لم تنته المشاعر والأحاسيس. وكانت تنتظر مني الرد فقلت لها: اللغوي أم المعنوي؟ فابتسمت وبرغم ابتسامتها كان الحزن يملأ تعابير وجهها، فقلت لها عفوا كرأيي الشخصي الكلمة لا تستخدم لا لغويا ولا معنويا، فالمشاعر والأحاسيس لا نقدر أن نصفها بالبعد الخيالي لأن المشاعر تنبع من ذات الإنسان ومن إحساسه بالآخر فما طلبتيه ليس بمستحيل حتى يصفك بأنك استرسلت في خيالك وشطحت به. أما معنويا فأعتقد أن الكلمة ثقيلة جدا بأن ترتبط بمشاعر وأحاسيس عاطفية نابعة من الاحتياج لمشاعر الآخر.
أصبح الزمن لا يفتقد اللغة فقط بل أصبح الوقت والمشاعر والأحاسيس عملة نادرة فيه ومن يطلبها يتصف بأنه يشطح بخياله كما لو أن المشاعر أصبحت أمرا مستحيلا أن يتحقق والحب والعاطفة ما هو إلا سراب والقليل من يشطح به في مخيلته ليصبح ما يتمناه مجرد شطحات مشاعرية!
مسك الختام: قد يؤلم البعض الصمت وقد يصمت آخرون من الألم.
[email protected]