أبدأ مقالي اليوم ببعض الكلمات التي قمت باقتباسها من رسالة إلكترونية وصلتني من أحد الطلاب، علما بأنني قمت بالاستئذان منه، وإليكم تلك الكلمات التي تعتبر خنجرا يطعن العقل قبل القلب:
«اقطعوا أيادي الجميع.. وأنا أول المعترفين بهذا القصاص، اقطعوا يدي فأنا سارق، اقطعوا يد السارق والسارقة.. ماذا يعني؟ هل السرقة تكون للأموال فقط؟ وهل تقتصر على المجوهرات والألماس؟ السرقة هي أخذ الشيء دون وجه حق، إذن من منا المعصوم الذي لم يأخذ شيئا ليس من حقه؟ بالطبع لا أحد. فسرقة الأموال تكون أحيانا من خلال استغلال جهل الناس أو عدم إدراكهم ووعيهم، وقد نسرق الوقت الذي يجب تمضيته من أجل الوزارة أو الشركة حتى نخرج مع الأصدقاء ثم نأخذ راتبا كاملا، ونسرق لحظات من وقت المحاضرة حتى نخرج للتدخين أو تمضية الوقت بحجة أننا ذاهبون لدورة المياه، قد نسرق مناصب حكومية ونحن غير مؤهلين لتحمل مسؤوليتها وغيرنا أرقى وأولى، نسرق ونسرق والقائمة تطول واتركها للتفكير والتأمل والتذكر».
تلك كانت بعض الجمل التي جاءتني من طالب جامعي، ليس المهم ما كتب في الرسالة ولكن الأهم الخنجر الذي طعنت به من كلمات صوبت إلى العقل ومن ثم مزقت القلب، نعم تلك هي الحقيقة؟ فإذا كان تفكير جيل الشباب وصل إلى تلك المرحلة فكيف سيكون تفكير الجيل الذي يليه، طالب مثل غيره من الطلاب سواء أكان النوع ذكرا أم أنثى، فالنوع هنا ليس المهم ولكن الأهم أين وصل اليأس بأولادنا وأين أصبحوا من حال عدم الثقة بمن حولهم، من هذه الجمل التي أعدها صفعة للمجتمع نستطيع أن نرى كيف صار يفكر شباب الكويت، بل كيف يرون مستقبلهم، إذا قرأتم كلماته فستجدون ما وجدته وهو السرقة وفنونها، بالفعل أصبحنا مجتمعا يتفنن في سرقة المال العام، بل لم يقتصر إلى هذا الحد، أصبحت السرقة للمال الخاص أيضا وأقصد هنا الحياة الشخصية من خلال الوقت والدراسة وغيرها وهذا يؤدي فيما بعد إلى التفوق في سرقة المال العام عندما يصبح هؤلاء ذوي مراكز ويخلفون من قبلهم، ومن تلك الكلمات التي ذكرتها لكم نستنتج كيف غرسنا في أولادنا مبادئ السرقة والتحايل والكذب، وإذا صح التعبير، أصبحنا نعد جيلا جديدا يرث منا تركة فاسدة، هذا ليس خيالا ولكن هذا الواقع المعاش الآن؟
فكيف تريدون من شباب لم تطلهم إلى الآن أيادي الدوائر الحكومية، فقط يقرأون ما يدور بداخلها عبر الصحافة من فساد بل يسمعون ويشاهدون مهاترات يقال عنها مناظرات سياسية وهي عكس ذلك بما تعج به من فساد إداري ومالي، وهنا سؤالي: هل تعتقدون أن تتوافر لشبابنا قدوة يتمثلون بها ويحرصون على محاكاتها عندما يكبرون؟ أترك لكم الإجابة والتقدير.
كلمة وما تنرد:
إلى بعض الأقلام التي تريد تمزيق بلادي، رفقا لقد طفح الكيل منكم. وإليكم يا ذوي الأقلام التي تريد الهدم لا البناء، في يوم ما لن تجدوا من يقرأ لكم لعدم مصداقيتكم ولن أقول لكم إلا ما قاله الإمام علي بن أبي طالب: «اللهم لقد أراني قوته علي..فأرني قوتك عليه».
[email protected]