المسلم الجاد الحريص على دينه يجب ألا يرتاد المسرح أو السينما أو الأوبرا أو يسمع الموسيقى أو يقرأ الشعر الغزلي أو يشاهد لوحات فنية تخص العصور الوسطي! بل إن المسلم الجاد الحريص على دينه لابد أن يحارب كل من يقوم بفعل هذا، وعليه أيضا محاربة كل من يقوم ويعمل ويرى ويسمع شيئا اسمه ثقافة أو فنون.
هذه الكلمات أصبحت تتردد كثيرا في هذه الآونة في مجتمعنا، وتلك الأوامر التي أصبح البعض يأمر بها الآخرين لتنفيذها، ذلك أصبح حال مجتمعنا، يعيش في دائرة من الشك، كانت بداية تلك الدائرة نقطة التشكك مع بداية الجدال حول مادة الموسيقى، وما حدث بعد ذلك من قرارات، تلك القرارات ما هي إلا نقطة البداية بل كانت الفتيل الذي أشعل الشك في عقول ونفوس البعض ليسأل: هل الثقافة والفنون حرام؟
وقبل أن نخوض في التفسير الدنيوي لنؤكد أن الثقافة والفن الراقي حلال لابد علينا أولا أن نستند إلى أحكام الدين في هذا الشأن لتكون كلماتنا لها قاعدة صحيحة وسليمة غير قابلة للتشكيك، في البدء سنقوم بالاستناد الى عقيدتنا «القرآن الكريم» فهو المشرع الأساسي ومرجعية الإسلام فنجد أنه لم يذكر أي آية أو نصا صريحا يحرم الثقافة والفنون الرفيعة، بل نجد أن السنة النبوية التي أيضا تعد مرجعا أساسيا بعد القرآن الكريم للدين الإسلامي لم يذكر فيها حديث صريح ينهى عن الفنون والثقافة، وعذرا للبعض الذين لا يعرفون شيئا عن الفن ولا رسالته السامية أن يحمّلوا بعض آيات القرآن الكريم معنى «تحريم الثقافة والفنون» لتحقيق رغبتهم وتحريم الثقافة والفنون ومنها: (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ـ محمد: 36) أو استخدام كلمة «لهو الحديث» أو كلمة «اللغو».
بل بالعكس نجد أن الإسلام صرح بالثقافة والفنون، وما يؤكد كلماتنا وجود بعض الأحاديث النبوية التي تسمح بالموسيقى، وخير مثال على ذلك الحديث النبوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين الحلال والحرام في النكاح الدف والصوت»، وهذا خير مثال على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم الموسيقى أو أيا من الفنون الأخرى التي تغذي الثقافة.
أما الجزء الدنيوي لنؤكد على أهمية الثقافة والفنون وأنها حلال وليست حراما فدعونا نسأل أنفسنا: إذا أردنا أن نتعرف على بلد ما، كيف تم ذلك؟ أكيد يتم ذلك من خلال ثقافتها وفنونها، تلك هي أهمية الثقافة وهذا هو الفن الذي يريد البعض قتله، نعم الثقافة والفنون هي بطاقة تعريف لأي فرد يريد الاطلاع على الدول الأخرى، بل هي هوية لأي بلد يريد المرور والعيش لدى الدول الأخرى من خلال التدريس والتدريب والمشاهدة لتلك الثقافة، وهذا ما حدث للحضارة الإسلامية فكانت لها هوية جعلت الكثير ممن يطلع على فنونها وثقافتها يتعلمها أيضا، بل نجد أن ثقافة الحضارة الإسلامية وفنونها أثرت على الحضارات الأخرى من خلال الثقافة والفنون إلى أن أصبحت علما يدرس في المدارس والجامعات العربية والعالمية، واليوم يقولون: دو ري مي في مجلسنا ممنوع.. «عجبي».
كلمة وما تنرد:
إلى كل فرد مسؤول يقوم بمنع فكر أو بحث جديد من خلال سلطته أقول لهم: اتقوا الله في أبناء الكويت، وراجعوا المادة 14 من الدستور والتي تنص على: ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي.
[email protected]