أصبح مساء الاثنين يوما معتمدا من كل أسبوع للقاء أصدقاء «بومبارك» في منزله، وبالفعل أتى الاثنين وتجمعنا وكان المحور الأساسي للحوار والحديث ينصب على ما حدث من أحداث في المنطقة قبل مساء الاثنين بساعات قليلة وهنا وجدنا بومبارك يقاطع الحديث ويقول: « يا جماعة الخير ما بي أسمع شيء ملي حدث أمس شوفولكم سالفة ثانية نتكلم فيها».
وهنا وجدت الارهاق على وجه أستاذي وكما من الحزن في عينيه وإذا بي أقولهم: طافكم سفرة دبي وعرض La Perle. وقمت بإخراج هاتفي من حقيبتي وتشغيل بعض الفيديوهات التي قمت بتصويرها من العرض وتمريرها على الأصدقاء وطبعا أولهم أستاذي وهنا وجدت بأن الجو العام أصبح نوعا ما يتسم بالهدوء، وبعد انتهاء المشاهدة قمت بالاستئذان من «بومبارك» بالسؤال. فأجاب: سألي بس مو على أي شيء يتعلق في المنطقة ولا عن حرب. فقاطعته:لا سؤال دنيوي، سألى: يا أفلاطون الدنيوية؟ وهنا الجميع ضحك وارتسمت على وجهه الابتسامة. فقلت: ليش أصبحت القناعة في هذا الزمن عملة نادرة؟ وأصبحت الأغلبية يركضون ويلهثون من أجل المزيد مع العلم عندما يصبح عندهم ما كانوا يحلمون به لا يكتفون بحلمهم بل يعاودون على طلب المزيد؟
يا دكتورة هذا مو بس في واقعنا بل على مدار الأزمنة نجد العديد من القصص التي تؤكد أن القناعة عملة نادرة وأن العديد لا يعجبهم العجب والأغلبية تلهث من أجل المزيد، وبما أننا نتحدث عن القناعة والطمع فسوف أقص عليكم قصة كان والدي رحمه الله يقصها علينا ونحن صغار، تقول القصة:
في يوم من الأيام كان هناك ملك أراد أن يكافئ أحد مواطنيه، فناداه وقال له: سوف أهديك كل الأراضي التي تستطيع أن تقطعها سيرا على قدميك، وسوف تكون هذه الأراضي ملكك إلى الأبد، فرح الرجل كثيرا وبدأ يجري في جنون يحاول السير على أكبر مسافة ممكنة حتى يمتلك المزيد والمزيد من الأراضي، وبعد أن سار مسافة طويلة جدا شعر بالتعب الشديد، فكر أن يعود إلى الملك حتى يمنحه المساحة التي قطعها، ولكنه على الفور غير رأيه وقرر أن يواصل السير ليحصل على المزيد من الأراضي، سار مسافات أطول وأطول ومن جديد فكر أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه ولكنه تردد هذه المرة أيضا وقرر مواصلة السير ليكتسب الأكثر من الأراضي، ظل الرجل يسير لمدة أيام كثيرة ولم يعد أبدا البعض قال إنه ضل طريقه ولم يتمكن من العودة والبعض الآخر ذكر بأنه وقع ومات من شدة التعب وفي كلتا الحالتين لم يمتلك الرجل أي شيء في النهاية لأنه لم يعرف حد الكفاية أو القناعة، عجبتكم القصة. فأجبت: جدا كأنك تصف واقعنا وكما قال أهل مصر في أمثالهم: «الطمع يقل ما جمع». وهنا ضحك الجميع وإذا بومبارك يقول: سامحوني يا جماعة الخير بس بالفعل عقلي من أمس تعب من التفكير وكنت حاب أنسى وأفصل عن أي شيء بقعدتي معاكم، تفضلوا على العشاء.
مسك الختام: من أراد أن يعيش حرا أيام حياته فلا يسكن الطمع قلبه.
Nermin - [email protected]