كثيرا منا يتذكر في لحظات السكون بعض القصص التي رويت له من جدته عندما كان طفلا، ذكرى تلك الحكايات ماهي إلا عامل إيجابي للإنسان، فعندما يتذكر المرء تلك القصص فهو تجديد وتنشيط للذهن والرجوع لعالم الطفولة، فهذا الشيء يجدد الشباب وينشط القلب بالحيوية عندما يعيد ذكريات الطفولة على الدوام كما أن تلك القصص عندما حكيت لنا ونحن أطفال لم نكن نستوعب في ذلك العمر مغزاها ومعانيها وأهدافها ولكن اليوم وغدا أصبحنا نستوعب مآثرها في عالمنا، ومن تلك القصص التي حكيت لي وأنا صغيرة وغالبا ما حكيت للعديد ممن يقرأ سطورنا اليوم:
يحكى أن في زمن ما وفي مكان ما رجل كان يعرف عنه بكبريائه وغروره، ذلك الرجل كانت عادته المفضلة يوميا أن يطوف في السوق وهو يرتدى أفخر الملابس مع خطوات كالطاووس في الكبرياء والغرور وفي يوم وهو يمارس هوايته اليومية صادف عجوزا في السوق تحمل فوق رأسها دلوا، فقام بتوقيفها سائلا لها بغرور: أيتها المرأة ماذا تبيعين؟ فأجابت: أبيع سمنا يا سيدي.
فقال لها: أريني.
وعندما أرادت أن تنزل دلو السمن من فوق رأسها اندلق منه بعض السمن على ثيابه، فغضب الرجل غضبا شديدا، وقال لها: لن أبرح الأرض حتى تعطيني ثمن الثوب! فبكت المرأة خوفا واستعطفت الرجل وهي تقول: أنا امرأة مسكينة، أرجوك ارحمني. فأجاب بكبرياء وبحدة في الصوت: قلت لك لن أبرح الأرض إلا بثمن الثوب؟ فقالت: وكم ثمن ثوبك؟ فأجاب: ألف درهم.
فقالت له: يا سيدي أنا امرأة فقيرة فمن أين لي بألف درهم؟ ارحمني ولا تفضحني.
وبين تهديد الرجل للمرأة أقبل عليهم شاب وقال لها: ما شأنك يا امرأة؟ فقامت وروت له الحكاية.
فقال الشاب: أنا أدفع لك ثمن الثوب. وأخرج بالفعل ألف درهم وأعطاها للرجل وقبل أن يترك الرجل المكان، قال له الشاب: إلى أين أنت ذاهب؟ ألم تأخذ ثمن ثوبك؟ فأجاب: نعم.
فقال الشاب: إذن لابد عليك أن تعطيني الثوب الذي دفعت ثمنه.
فأجاب الرجل: وتريدني أن أسير عاريا في السوق وتفضحني؟ فأجاب الشاب: كما كنت تريد أن تفضح المرأة المسكينة، ولن أرجع عن كلامي، أعطني ثوبي.
فأجاب الرجل: هذا ظلم.
فأجاب الشاب: وما كنت أنت تريد أن تفعله بالمرأة مسكينة أليس بظلم أيها المغرور المتكبر؟ وهنا قام الرجل بإعادة النقود للشاب وقام الشاب وأعطى النقود للمرأة.
٭ مسك الختام: الحكمة والتضحية والمحبة اجعلها قانون دنياك.. ولا تظلم لكي لا تظلم.
[email protected]