وصلتني هذا الأسبوع مجموعة من الاهداءات عبارة عن قصص روائية، وأشكر كل كتابها على إهدائهم الكريم لي لأنني بالفعل كنت في حاجة ماسة لها، فالقراءة تجعل القارئ يعيش بضع ساعات هادئة مع العمل على صفاء الذهن من التوترات العملية والعلمية التي نعيشها.
مع بداية نزول الأمطار كانت أولى قراءاتي لرواية «ليالي الشتاء»، وربما يكون اختياري لها بسبب ارتباط مسماها مع الواقع المعاش خلال هذه الأيام، وبالفعل كان اختياري صائبا لما تحتويه تلك الرواية من جمل شاعرية وحوارات مركبة لأشخاص الرواية، وقبل الملاحظات النقدية على الرواية لأنني لن أخوض بسرد أحداثها لكي أترك لكم أيضا فرصة النقد، لابد علينا أن نذكر اسم كاتبها وهو محمد الكندري، والرواية تعد أولى كتاباته التي من خلالها يضع قلمه بين أقلام الروائيين الكويتيين.
«ليالي الشتاء» رحلة رومانسية اجتماعية يعيشها القارئ مع أبطال الرواية من بدايتها إلى نهايتها، فمن الوهلة الأولى التي تتناولها ترى غلافها يحتوي على لوحة فنية مكونة من ثلاثة ألوان أساسية الأسود والأبيض والأحمر والتداخل فيما بينها ينتج ألوانا أخرى، فعلى سبيل المثال اللون الرمادي مع وجود لصورة فتاة تبدو ملامحها جميلة وسطوع رجل يحمل على أكتافه ثقلا غير واضح، ويسير الرجل بثقله على شاطئ الكويت القديم مع وجود بعض السفن القديمة، هذه اللوحة الفنية والتي قام بتصميمها سعد الجاسم حملت خطوطا شاعرية حزينة تدمج بين الحاضر والماضي مع اختيار للألوان التي ينبثق منها الدفء والحب والفراق، هذه الخطوط وهذه الأحاسيس ما هي إلا مفاتيح أدبية للقارئ لتجذبه للدخول وتنير له أيضا طريقه الدرامي لكيلا يضله وهذا ما حدث في هذه الرواية.
«ليالي الشتاء» قصة حب تجمع بين حصة وصقر، مع تواجد بعض الشخصيات الأخرى التي ساعدت في صعود وهبوط أحداث الرواية، تبدأ قصتنا عن طريق الرجوع إلى الماضي ليسرد كاتبنا قصته من خلال أبطاله، فمن الدموع والذكريات بدأ قصته مصورا وقوف حصة أمام صورة والدها المتوفى تحاكيه وتتذكر ما حدث لها من آلام في قصة حبها الوحيدة مع صقر، كان هذا من خلال ديالوج تقوله حصة، وقد حمل عدة تساؤلات ومشاعر ليست من بطلة الرواية فقط بل من القارئ أيضا فمن خلاله نتساءل: لماذا تبكي حصة بعد مرور 28 عاما على حبها؟ هل والدها كان السبب في نهاية هذا الحب؟ هل تزوج كل من حصة وصقر؟ ومن هذه التساؤلات كان علينا أن نذهب مع حصة لنلاحق أسئلتنا ونبحث عن إجابتها بين أبطالنا ومواقع أحداث روايتنا، محمد الكندري بدأ كلمات روايته بعنصر التشويق والإثارة وهذا يعد من حرفية الكاتب، بل جعلنا نفضل أن نعيش في الماضي بضع سنوات كي نتمكن من الإجابة عن كل ما يدور في أذهاننا وهذا ما يطلق عليه الإبداع الفني والأدبي.
الرواية لم تقتصر فقط على عنصر التشويق والإثارة فقط بل كانت وحدة المكان أيضا متنوعة فرغم عدم التزام الكاتب بقواعد أرسطو بوحدة المكان إلا أنه لم يشعرنا بالغربة والتغريب في الأماكن المختارة لأحداث روايته بل جعلنا نستمتع ونتعايش مع أبطاله في أماكنهم المتنوعة وهذا أتى من حرفية الوصف للأماكن والدقة في الأحداث رغم أن الكاتب لم يعش تلك الأزمنة وهذا هو الإبداع القصصي والروائي.
كلمة وما تنرد: أين رابطة الأدباء من هؤلاء الشباب المبدعين؟ أليس لهم حق في أن يجدوا من يرعى نتاجهم الأدبي وإظهاره لشمس الفكر؟ أم ان رابطة الأدباء اقتصرت على زمن وفئة معينة؟!
[email protected]