لا شك أن الثقافة تعد أحد العوامل التي تدفع المجتمع إلى التطور والتقدم واكتشاف كل ما هو جديد، والثقافة تندرج تحتها فروع كثيرة ومتنوعة ويعنينا هنا في المقام الأول المسرح.
«أعطني مسرحا أعطيك حضارة» فالمسرح هو ذلك الصرح الذي يعد من أقدم فروع الثقافة في العالم، بصماته واضحة وبارزة على مر العصور في كثير من الحضارات، من هذا المنطلق لابد أن نلقي نظرة ليست عابرة، بل نظرة متأملة متعمقة لكي نقف على ذلك المفهوم الخطير الذي يلعب دورا خطيرا في معظم بلدان العالم، أين نحن من ذلك المسمى «المسرح»؟ إلى أي مدى وصل ذلك الفن؟ وإلى أي اتجاه يسير؟ ذلك إن كان لدينا في الأصل مسرح بمعنى مسرح كما عرفه الإغريق ومن بعدهم إلى وقتنا هذا كثير من الدول ومنها دول العالم الثالث التي ازدهر فيها ذلك الفن وأقاموا له مهرجانات محلية ودولية واجتمعت له عشرات الدول لكي يقوموا بعرض بضاعتهم الفنية ليقولوا للعالم من خلال هذه العروض نحن نحيا لكي نقدم الجديد من الرؤى والفكر والفلسفة والفن بمختلف أشكاله من خلال عرض مسرحي.
إن نظرة سريعة لحال المسرح بوجه عام في جميع أرجاء العالم تدعو إلى الأسى لما يقدم من فكر وضعف في الأداء وفقر في فنية الكتابة للمسرحية، ولذلك أسباب كثيرة ومتعددة لكننا لن نخوض بالأسباب والمسببات وإنما علينا التركيز فيما تبقى للنهوض مرة أخرى بالمسرح وحتى نعيد له تاريخه وهيبته بين فروع الثقافة الأخرى، والسؤال هنا كيف؟
إن من أهم الأسباب التي أدت إلى تأخر الحركة المسرحية تدخل بعض الذين ليس لهم صلة بالثقافة أو المسرح بل تشعب المظلات التي ترعى الحركة المسرحية والقصد من هذا الدعاية من أجل الإعلام الذاتي، ومن ذلك المنطلق لابد أن نستعد من اللحظة الراهنة كل في تخصصه، فالفن لم يكن يوما أقل أهمية من غيره، إذن فإننا هنا نطرق أحد أبواب التحدي وهو الفن، المسرح الذي تخصصنا فيه ولنترك بقية الأبواب لأهلها لكي يدافعوا عنها ويمهدوا لاقتحام المجهول، ونحن نطالب بأن يترك غير المتخصصين المسرح لأهله، فالمسرح في حالتنا الراهنة بمستواه المتواضع لا يمكن أن يحسب لنا كفن عريق، وإذا نظرنا إلى الوراء لمساحة زمنية تقدر بحوالي 30 سنة وقمنا بعمل تقييم لذلك المسرح، فسنجده أشد صلابة وأكثر انتشارا وأروع شكلا ومضمونا عما نراه في هذه الآونة، لماذا؟ هل الزمن يضعف من المسرح أم يكون عامل تقوية؟
بالأمس واليوم وغدا تقوم الدول بكل واجباتها تجاه الحركة المسرحية، فالحق يقال إن الدول تسعى إلى البناء والدعم المادي والمعنوي بل نجد أن كثيرا من أهل المسرح مازالوا يقومون بالعطاء بلا حدود، كل فيما تخصص، من كتاب، وممثلين، ومخرجين، ومصممي ديكور، وحرفيين، كل هؤلاء قد أعدتهم الدول بأحسن ما يكون وقد وصلوا إلى مستويات عالية في حياتهم الشخصية، ولم يبق إلا الدخلاء على الحركة المسرحية والمحاربين للمسرح هؤلاء مشكلتنا الأساسية في تأخرنا.
ليت كل دخيل على الحركة المسرحية سواء «مع أو ضد» أن ينسى نفسه ويتذكر بلاده لكي يعلو بها إلى القمة التي ينشدها العالم حتى لا نكون مقهورين ثقافيا، فصراع التقدم بدأ منذ سنين طويلة والوقت مازال أمامنا لكي نخطو الخطوة الأولى التي ستصل بنا حتما إلى مستقبل أحسن وأفضل.
كلمة وما تنرد:
إلى كل هؤلاء الدخلاء أذكرهم بمادة 14 من دستور الكويت: ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي.
[email protected]