«أحداث متحركة» هي مجموعة قصصية يبلغ عددها ثلاثين قصة، كل واحدة تختلف عن الأخرى من حيث الشخصيات والأحداث والأمكنة، قام بكتابتها الأستاذ عبدالقادر عبدالمحسن الحمود، وقبل أن نخوض في التحليل النقدي لتلك القصص لابد أن أشير إلى بعض الأشياء التي شدت انتباهي من الوهلة الأولى للكتاب، فعلى غلافه نجد مؤلفنا يقوم بالتنويه إلى أن ما كتبه هو ليس من نسيج الخيال بل من الواقع المعاش، وهذا ما جعلني شغوفة بقراءته وإنهائه في نفس اليوم، وأعتقد أن هذا الفضول يتملك فئة كبيرة من مجتمعنا العربي، لذا فإن مؤلفنا راعى ذلك بتلك الكلمات التي كتبها على الغلاف أسفل عنوان قصصه «قصص اجتماعية قد تكون من واقع الحياة» فنجح في جذب انتباه القارئ لأنه على دراية كاملة بمجتمعه ومدى حب أفراده لكشف ومعرفة أسرار الآخرين.
«أحداث متحركة» لا نزال معكم في غلاف الكتاب، حيث نجد مؤلفنا يقدم نوعا من الدعاية الجديدة لقصصه الجديدة من خلال كتابة جملة «الجزء الأول»، إذن هنا أعطى تصريحا بأن القارئ على موعد قريب من قصص جديدة وأسرار جديدة، فيضعنا على انتظار لقاء جديد مع المؤلف من خلال الجزء الثاني، بل وقد يكون هناك أكثر من لقاء، عفوا أكثر من جزء من خلال ما يكتبه مؤلفنا من أجزاء بل ومن الممكن أن تصبح تلك القصص سلسلة قصصية في عالم الأدب المجتمعي.
«أحداث متحركة» يبدؤها مؤلفنا بالإهداء لأشخاص لهم مكانة في حياته، ومن ثم كتب مقدمة كتابه لتكون تمهيدا لما سيليها من سطور في هذه القصص، ومن بعدها صفحة كتب أعلاها «كلمة المراجع» وهنا استوقفني هذا العنوان في البدء ظننت أنه اسم لقصة من الثلاثين قصة، ولكنني عندما قرأتها وجدت غير ذلك فهي بالفعل كلمة المراجع لما كتبه الأستاذ عبدالقادر عبدالمحسن الحمود من قصص، وهنا شعرت بالاحترام والتقدير الأدبي من المؤلف وأمانته العلمية والأدبية وعدم إهدار حق الآخرين وهذا الشيء نادرا في هذا الزمن.
«أحداث متحركة» تحتوي على 30 قصة اجتماعية من واقعنا المعاش، من الممكن أن تكون شاهدتها أو سمعت عنها من قبل أو تكون أحد شخصياتها لن أقوم بالسرد عليكم بأحداثها لكي أجعلكم تتمتعون بقراءة أحداث أبطالها، أحداث متحركة هي أنماط بشرية تعيش معنا ونراها على مدار الـ 24 ساعة في الحياة اليومية، فنجد مؤلفنا يضع وقائع حقيقية وينسج ما بين شخوصها بالخيط الدرامي بلغة مبسطة جميلة، 30 قصة تمتاز بالأسلوب القصصي البسيط غير المعقد لا في الحدث ولا في تركيب الشخصيات ولا في اللغة المستخدمة ومنه يسهل لكل الفئات العمرية والعلمية قراءتها وتمتع بها أي لن تشعر بالتغريب أو الغربة من خلال ما تقرأ.
«أحداث متحركة» هي تعرية للفساد السلوكي الذي أصبح يتفشي بين مجتمعنا، فنجد مؤلفنا من خلال الـ 30 قصة يموج بنا بين الزواج العرفي وأصدقاء السوء والآباء الذين يهملون في تربية أولادهم والزواج غير المتكافئ، وكثير من الوقائع التي نعرفها أو سمعنا عنها أو كما قلنا من قبل قمنا بتجربتها ومعايشة أحداثها، ومن هذا وذاك أعتقد أن المؤلف أراد بهذه القصص أن يوصل رسالة للمجتمع وهي تنبيه ودق وجرس إنذار بأن عاداتنا وتقاليدنا أصبحت في خطر، فعندما تبدأ بالقراءة تظن أنك سوف تطلع على أسرار شخوص مميزين في المجتمع الراقي ومعرفة أسرارهم ولكن سوف تجد عكس ذلك، لأن مؤلفنا كان يحاكي جميع طبقات المجتمع بل كان يعرض قضايا أصبحت بالفعل متواجدة في مجتمعنا، لم يتعرض لشخوص بحد ذاتهم كما تصورنا في البدء، «أحداث متحركة» ما هي إلا صفعة لكل قارئ يقرؤها ليجد أين وصل المجتمع من أخلاق.
كلمة وما تنرد: رسالة إلى أهل الاختصاص، إلى متى سيظل أدبنا وثقافتنا دون ترجمات تصل إلى العالم الآخر؟! لماذا نقتصر فقط على ترجمة ثقافتهم وأدبهم لنا؟ أليس من العدل تبادل الثقافات من خلال الترجمة؟ ولكم الأمر.
[email protected]