نهاد العبدالله
جلست في أحد مقاهي سوق شرق أتأمل من بعيد الكم الكبير من المجمعات والمباني التي بدأت تعلو وتعلو في سماء البلاد، حتى تساءلت: لماذا هذا التأخير في بناء مثل هذه الأبنية العالية؟ ولماذا لم تعدل الحكومة ممثلة بالمجلس البلدي كل قرارات البناء لتحول الكويت من الأدوار الأربعة الى الأدوار المائة.
ونظرت الى الشاطئ استعيد ذكريات الستينيات حينما كان موقع قصر السيف الجديد مجرد مخازن لميناء الكويت، وسوق لبيع الخضار والفاكهة القادمة من البحر، بعد هذه السنين تحول هذا المكان الى معلم من المعالم الحديثة لقصر الحكم الذي كنا ننتظر مثله بعدما سبقتنا الى أمثاله كثير من الدول حتى الدول الفقيرة.
حملت نفسي لأحتسي فنجانا من الشاي المعتق في سوق المباركية، واذا بهذا السوق أصبح من الأسواق التي يحرص على ارتيادها كل شرائح المجتمع، ولم يعد يقتصر على اصحاب رؤوس الأموال والأغنياء، خاصة بعد تطويره وتجميله وإعادة بنائه وفق طراز البناء الكويتي القديم، وهنا أيضا تساءلت لماذا تأخرنا سنوات طويلة حتى انجاز مثل هذا المشروع الحيوي اقتصاديا؟
وفي طريق عودتي لمنزلنا القريب من العاصمة مرورا بمنطقة المرقاب، تلك المنطقة التي كانت حيوية بمتاجرها ومحلاتها ومطاعمها، أصبحت ترابا لسنوات بعد ازالة الأبنية القديمة بالتثمين، ولولا مجمع الوزارات لكنا طوينا تاريخا طويلا لهذه المنطقة الحيوية، وان كان يبدو انها تشهد ورشة عمرانية كبيرة لإعادة أمجادها، ولكن تبقى المشكلة الأزلية في توفير مواقف السيارات لمرتادي مجمعاتها وأسواقها (بالمناسبة يبعد موقف السيارات عن مؤسسة التأمينات أكثر من 300 متر، فلماذا يعذب المراجعون؟).
حتى أكثر المناطق ازدحاما بالسكان، ومنها منطقتا الفحيحيل والأحمدي شهدتا توسعا وتطويرا ساهما بشكل فاعل في إعادة المترددين على متاجرها ومحلاتها بعدما فقدت هذه المحلات والمطاعم بريقها نتيجة قدمها وتقادم عمرها الافتراضي، الا ان ما خسرته هاتان المنطقتان هو شيء، ولو قليلا، من مبانيها التاريخية القديمة (واأسفاه).
كويت المستقبل حلم، نتمنى ان نشهده قبل ان يتقادم بنا العمر ونصبح عاجزين عن مشاهدته والتمتع بمباهجه.