لم يكد يمر أول شهر من هذا العام بل أول بضعة أسابيع من ذلك الشهر إلا وشهد العالم حتى لحظة كتابتي مسودة هذا المقال (عشية اليوم التاسع عشر) أكثر من 65 حادثة عنف في أكثر من 23 دولة.. أي أكثر من 3 حوادث يوميا!
هذه الأفعال الدموية التي ضربت «هيرات» الأفغانية مارة بـ«زامبوانغا» الفلبينية و«بوجومبورا» البوروندية و«إزمير» التركية و«بورتو جوردان» الكولومبية وغيرها من المدن، تشترك في عدة أمور: كونها لا تشمل الحوادث الفردية، وأن لها ارتباطا سياسيا ما، وكذلك بكونها ليست ضمن فصول أزمة دائرة كالصراع في اليمن أو سورية أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة مثلا.
رغم الجدل ما إذا كان العالم قد أضحى أكثر أمانا من الماضي (لكون الحروب والنزاعات ما بين الدول قد انحسرت بل شبه تلاشت) إلا أن العالم قد يكون مقبلا على تهديدات وأزمات وتقلبات أكثر في المقبل من أيام 2017.
ولعل تلك الحوادث لن تقتصر على أعمال العنف والتي منها ازدياد حدة ووتيرة النزاعات المسلحة بين الأطراف داخل دولة واحدة، فالسياسة الخارجية الأميركية مازالت مبهمة وأما ما هو جلي منها فهو الخطاب العنصري الاستعلائي للرئيس المنتخب. ويبقى في علم الغيب أي خطوات سيخطوها ترامب وأيضا ما ستكون لها من تبعات وردود فعل من الأطراف الواقعة تحت التأثير. وأما «القارة العجوز»، التي تربطنا بها صلات استراتيجية عدة، فقد تغدو بلا رأس ولاتزال مصائرها الاقتصادية والوحدوية مجهولة. كلا المثالين ينبئان بأمور أبرزها عالم تنحسر فيه التكتلات والاتحادات.
ويظل في أيدينا أقله أن نبحث ونحلل ما يدور حولنا من أحداث علنا نستشرف المستقبل فنعد العدة له.
ومن أمثلة البحث والتحليل ما يقوم به المنتدى الاقتصادي العالمي منذ سنوات فقد وضع 5 أخطار رئيسية تتهدد العالم في 2017 في تقريره السنوي الذي عمل على صياغته هذه المرة أكثر من 700 خبير في مجالات متعددة.
وهي من حيث احتمالية حدوثها بالترتيب التالي:
1 ـ أخطار بيئية تتمثل في حوادث مناخية كبرى.
2 ـ أخطار مجتمعية تتمثل في التهجير القسري.
3 ـ أخطار بيئية تتمثل في كوارث طبيعية عنيفة.
4 ـ أخطار جيوسياسية تتمثل في هجمات إرهابية واسعة.
5 ـ أخطار تكنولوجية تتمثل في تزوير وتسريب البيانات.
بينما الأخطار الرئيسية الـ 5 الأكثر تأثيرا على العالم فقد جاء ترتيبها كالتالي بحسب التقرير:
1 ـ أسلحة الدمار الشامل (جيوسياسية).
2 ـ الحوادث المناخية (بيئية).
3 ـ أزمة المياه (مجتمعية).
4 ـ الكوارث الطبيعية الكبرى (بيئية).
5 ـ الفشل في مواجهة التغيرات المناخية (بيئية).
من الجدير ملاحظته أنه لم تخل القائمتان من الأخطار البيئية منذ 2011.
كلمات أخر: حرصت على أن أختصر المقال وأن أورد هذه المقتطفات من تقرير المنتدى كما هي دونما تعليق مستفيض أو رأي. نقاط قيمة كهذه ينبغي ألا يتم إغفالها فقد وفر هذا التقرير الكثير من الجهد والوقت والموارد على الأجهزة المعنية وما عليها الآن سوى تشريحها وتحليل العلاقة فيما بينها وتوزيع المهام بالشكل الذي يصب في صد كل من هذه الأخطار أو حتى رسم سياسة تعامل معها.. فهل من حياة لمن ننادي؟
[email protected]