لست في هذا المقال في مقام مدح لصاحب السمو الأمير، فأفعاله مدحته قبلي، والمدح يعجز في مدح والد الجميع، ولكن حين يكون المدح من المعارضين للأنظمة العربية، فهذه شهادة ليست من بعد نقصان، لكنها حقيقة تجسدت في شخص سموه الأمير، قلما تجد مثلها أو ما يقاربها في كثير من البلدان.
فلقد جلست مع بعض المعارضين في إحدى الدول العربية، والغريب أن للمعارضين مغناطيسية تجذب بعضهم لبعض من كل مكان، وتعرفت على أحدهم بعد نقاش بسيط وموجز، لكن سرعان ما تحول النقاش لصداقة، وبعدها تقاطر بعض المعارضين علينا ليجالسونا ويتحدثوا معه في تطورات المنطقة، فأحب أحدهم أن يتعرف علي بسؤال معتاد «الأخ معارض»؟ فتبسمت وسبقني صاحبي للإجابة قائلا «الأخ كويتي»، فرد الآخر قائلا: «وما المانع أن يكون معارضا وكويتيا؟» فالتزمت الصمت لأسمع منه الإجابه كوني خرجت من دائرة الموضوع، فقال «على ماذا سيعارضون؟ على ديموقراطــية ليس لها مثيل في الوطن العربي؟ أم على دولة الرفاهية سيعارضون؟ أم سيعترضون على أسرة لا تفرق بين أبنائها وأبناء الشعب عامة؟ نعم نقول هناك بعض الانحرافات في الحكومة، لكن الديموقراطية والفكر الكويتي يستطيع معالجتها، فهم متمرسون على مثل ذلك والشواهد كثيرة».
فقلت له «وهل زرت الكويت؟» فأجاب «قبل الغزو وفي الغزو وبعد التحرير؟ لقد كنت مراسلا» -وصمت- فقلت «وما رأيك بأمير الكويت؟» فقال «الشيخ صباح؟ والله ما أجمل هذا الرجل، والله حينما كان وزيرا للخارجية كنا نفرح ونبتسم من ابتسامته، شخصية متواضعة يعرف كيف يكسب من هو أمامه حتى لو كان عدوه، - اسمع يا بني - لقد كان بعض الصحافيين يريدون أن يحرجوا الوزير ببعض الأسئلة، ونستغرب أنهم لم يسألوها له، والسبب كما يقول هيبة ابتسامته السياسية، فبالله ما وزن الكويت أمام مثلث القوى الإقليمي المحيط بها؟ فالذي ثبتها على الخريطة هذا الرجل ـ أي سمو الأمير ـ فطول عمري أقول إن ابتسامة هذا الرجل تخفي دهاء سياسيا عظيما، يكسب الناس بابتسامته، فرأيي به أنه رائع وأنتم محظوظون به».
وسكت الجميع بعدها، ليفتحوا موضوعا آخر وأنا في داخلي العظمة تعتليني، فأي عز ينتاب الرجل وهو يشهد أن بلده مضرب الأمثال في الديموقراطية، وأي عز عندما يقال أنتم محظوظون بأميركم، فيشار إليه بالبنان، فحقا إن سموه أمير العز وأمير الخير، فأطال الله في عمره ودامت لنا ابتساماته، اللهم آمين.
* نص سالفة: ليت البشر يتعلمون من صاحب السمو الأمير الابتسامة والتواضع، وخصوصا ممن يرتدون الزي العسكري، فإذا كان ضابطا لا يعرف التكلم بأسلوب راق فسنقول «معلش» ضغط الشغل والمجهود، ولكن أن يأتي لواء أو عميد، لا ويحمل شهادة عليا ويصارخ على الناس بأسلوب سيئ، فهنا نقول لا، فأهل الكويت «ما هم» صبيان ولا هم تحت أمرك، عندك شي خالف واخلص، وأما طولة اللسان فيستطيع أهلنا الرد «بما لا» يسرك، ولكن إن سكت الناس فهي حشيمة «لك يا بوحمود» وليس كل الناس سيترفعون.
[email protected]
twitter@oaltahous